الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

من أحكام أداء العمرة بعد الحج

السؤال

إذا أردت العمرة بعد الحج، فهل يلزم أن أخرج للحل للإحرام بالعمرة، رغم أنني ما زلت محرمًا بالحج؟ وهل كانت عمرة السيدة عائشة بعد أن طافت للوداع من حجتها أم قبلها؟
وهل الخروج للحل للإحرام بالعمرة، يلزم له دم بسبب الخروج من مكة قبل طواف الوداع الخاص بالحج؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ليكن آخر عهده بالبيت؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإذا أردت العمرة من مكة بعد الانتهاء من أداء الحج، يلزمك أن تخرج إلى أدنى مكان في الحل مثل التنعيم، أو الجعرانة؛ فتحرم منه، وانظر الفتوى رقم: 29488.
وإن أحرمت من مكة، ولم تخرج إلى الحل، فقد تركت واجبًا وهو الإحرام من الحل، فيلزمك دم.

قال ابن قدامة في المغني: وَإِنْ أَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ مِنْ الْحَرَمِ، انْعَقَدَ إحْرَامُهُ بِهَا، وَعَلَيْهِ دَمٌ؛ لِتَرْكِهِ الْإِحْرَامَ مِنْ الْمِيقَاتِ. اهـ.
وأما إحرامك بالعمرة وأنت ما زلت على إحرامك بالحج لم تحلل منه؛ فإنه لا يصح؛ لعدم مصادفته محلا؛ لأنك ما زلت متلبسا بإحرام الحج؛ فمن أراد أن يعتمر، لا بد أن يتحلل من إحرامه الأول.

جاء في المنتقى شرح الموطأ للباجي: مَنْ حَجَّ، فَلَا يَعْتَمِرْ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْ حَجِّهِ. اهـ.

وانظر الفتوى رقم: 39827.

والخروج للحل للإحرام منه قبل طواف الوداع، لا حرج فيه، ولا يلزم منه شيء.

جاء في فتح الوهاب لزكريا الأنصاري الشافعي: وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا وَدَاعَ عَلَى مَنْ خَرَجَ لِغَيْرِ مَنْزِلِهِ بِقَصْدِ الرُّجُوعِ، وَكَانَ سَفَرُهُ قَصِيرًا، كَمَنْ خَرَجَ لِلْعُمْرَةِ، وَلَا عَلَى مُحْرِمٍ خَرَجَ إلَى مِنًى.."

وأما إحرام عائشة -رضي الله عنها- بالعمرة من التنعيم، فلم يكن بعد طواف الوداع، وإنما كان بعد انتهائها من الحج والتحلل منه، وكان ذلك ليلة نزوله صلى الله عليه وسلم بالمحصب ليستريح بعد خروجه من منى إلى مكة، ليطوف طواف الوداع.

قال الخطابي في شرح البخاري: والتحصيب إذا نفر الرجل من منى إلى مكة للتوديع. اهـ

فأمرَ النبي صلى الله عليه وسلم أخاها عَبدَ الرحمنِ بنَ أبي بكرٍ أَن يَخرُجَ مَعَهَا إلَى التَّنْعِيمِ، فَاعتَمَرَتْ بَعْدَ الحج، وَذَلِكَ لَيْلَةَ الْحَصْبَةِ.

والحديث في الصحيحين وغيرهما.

وأما طواف الوداع: فإنه واجب -عند جمهور أهل العلم- في الحج على غير المكي، والحائض والنفساء، ومن كان واجباً عليه فتركه؛ فإنه يلزمه دم شاة تذبح وتوزع على فقراء الحرم، وانظر الفتوى رقم: 103398. أما في العمرة فإنه سنة عندهم، وليس بواجب، وانظر الفتوى رقم: 2790.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني