الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لو دفع المزكّي زكاتَه لشخص بصفته غارمًا فصرفها في غير قضاء الدَّين

السؤال

عندي أصدقاء غارمون، لا يستطيعون سداد ديونهم، وأريد أن أعطيهم من زكاة مالي، لكني لا أستطيع سداد الدَّين كاملًا، بل جزء من الدَّين، فهل يجوز ذلك؟ وإذا استخدم شخص منهم النقود في أمور غير سداد الدَّين، فهل تعتبر زكاتي صحيحة؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فيجوز لك إعطاء زكاة مالك لأصدقائك الغارمين، الذين لا يستطيعون سداد ديونهم؛ لأنهم من صنف الغارمين المستحقين للزكاة، ولو لم تفِ زكاتك، أو ما أعطيتهم منها بسداد ديونهم كلها، وانظر الفتوى رقم: 70416 وما أحيل عليه فيها.

وأما مسألة إجزاء الزكاة التي يدفعها المزكي لشخص بصفته غارمًا فقط, وليس بصفته فقيرًا أيضًا، فيصرفها الشخص في غير قضاء الدَّين, فلم نقف بخصوص هذه المسألة على نص صريح في الإجزاء من عدمه, لكن قد يفهم من كلام بعض أهل العلم عدم الإجزاء؛ لأن الغارم لا يملك هذه الزكاة, وإنما يصرفها على الوجه الذي استحق به الأخذ، وهو هنا الغرم، فإن صرفها في غيره، استرجعت منه، فلو كانت مجزئة؛ لدخلت في ملكه, ولم تُستَرجعْ منه، جاء في حاشية الروض لابن قاسم: فأهل الزكاة قسمان:

قسم يأخذ بسبب يستقر الأخذ به، بلا نزاع في الجملة، وهو الفقر، والمسكنة، والعمالة، والتأليف.

وقسم يأخذ بسبب لا يستقر الأخذ به، وهو الكتابة، والغرم، والغزو، والسبيل.

فالقسم الأول: من أخذ شيئًا، صرفه فيما شاء، كسائر ماله.

والثاني: إذا أخذ شيئًا منها، صرفه فيما أخذه له فقط؛ لعدم ثبوت ملكه عليه، من كل وجه، فإنما ملكه مراعى، فإن صرفه في الجهة التي استحق الأخذ بها، وإلا استرجع منه، فالتعبير في الآية باللام للملك، وفي القسم الثاني ينادي على المراعاة في ذلك بـ «في»، وهي للظرفية. انتهى.

وقال الشيرازي في المهذّب: ولا يُعطَى الغارمُ إلا ما يقضي به الدين، فإن أخَذَ ولم يقض به الدين، أو أبرِئ منه، أو قُضِي عنه قبل تسليم المال، استرجع منه. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني