الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أخذ الوسيط عمولةً من الساعي نظير شفاعته في استخراج وثيقة

السؤال

السؤال بخصوص معرفتي بشخص يعمل محاميًا، له معرفة بشخص بنقابة المحامين بمصر؛ حيث إنه من الصعب تجديد كارنيهات النقابة للمحامين؛ لما فرضته النقابة من قيود؛ لتعجيزهم عن الحصول على حقوقهم؛ لما بها من فساد، والموضوع بخصوص معرفة صديق لمعرفتي كيفية استخراج الكارنيه، فطلب مني عمل الكارنيه الخاص به، فاتصلت بالشخص وكلمته، فطلب مبلغًا ماليًّا نظير استخراج الكارنيه لصديقي، وهو عبارة عن مصاريف سفر من محافظة لمحافظة أخرى، وسداد الرسوم، والسفر للنقابة العامة، واستخراج الأوراق اللازمة لعمل الكارنيه، وتسليمه الكارنيه، والبطاقة العلاجية، ووافق صديقي على المبلغ؛ حتى لا يضيع حقه في النقابة، والتأمينات، والمعاشات، ويشطب منها، وبعد الانتهاء عرض صديقى المحامي عليّ مبلغًا من المال نظير عمولة لما قام بتخليصه لصديقي الثاني، فما حكم الدِّين في هذا الموضوع؟ مع العلم أني قمت برد المبلغ لصديقي صاحب الكارنيه، وقلت له: إنه عمل له تخفيضًا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فمثل هذا السؤال لا يحسن الجواب عليه إلا جوابًا مجملًا، فنقول:

أولًا: من كان له حق في استخراج وثيقة ما، ومنع منها ظلمًا، فله أن يسعى في الحصول عليها، ولو أدى ذلك إلى دفع مال للمسؤول عن ذلك، ولا يعد هذا من الرشوة المحرمة في حق المظلوم الممنوع، وإنما الإثم على المانع الآخذ، وانظر في هذا الفتاوى التالية أرقامها: 130102 - 181717 - 301195.

ثانيًا: ما يعطى للساعي بوجاهته عند المسؤولين، ومعرفته لهم لمن منع حقًّا من حقوقه ظلمًا، يدخل فيما يعرف عند العلماء بثمن الجاه، وهو محل خلاف بين العلماء، والذي نرجحه أنه لا تجوز المعاوضة على بذل الجاه، ما لم يستلزم مسعاه جهدًا ومشقة، فيعطى الساعي أجرة مثله مقابل نفقاته وأتعابه، لا مقابل بذل جاهه وشفاعته، كما بيناه في الفتاوى التالية أرقامها: 167961 - 183163 - 378472.

ثالثًا: أخذ الوسيط بين الساعي والمسعي له لعمولة من الساعي في استخراج الوثيقة: هو فرع عن حكم استخراج الوثيقة، والسعي فيه، فإن كان استخراج الوثيقة محرمًا، أو اشتمل السعي فيه على محرم -كمعاوضة على بذل الجاه- فإن العمولة محرمة أيضًا، لأنها فيها إعانة على المحرم، والسعي فيه، ومن هنا كان الساعي بين الراشي والمرتشي، قد شمله الوعيد الوارد في الرشوة، فقد أخرج أحمد عن ثوبان قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الراشي، والمرتشي، والرائش. يعني: الذي يمشي بينهما. وصححه الحاكم، وضعفه الألباني.

وأما إن كان استخراج الوثيقة مباحًا، والسعي فيه خاليًا من المحرمات: فلا يظهر مانع من أخذ الوسيط بين الساعي والمسعي له للعمولة، إذ هي مقابل الدلالة، وليست مقابل الجاه والشفاعة، فلا تدخل في النهي عن أخذ الهدية على الشفاعة.

وانظر الفتوى: 18275.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني