الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم سؤال المسلم: هل صليت؟ وتحليفه على ذلك

السؤال

ما حكم أن أسأل شخصا هل صلى أم لم يصل، وأجعله يحلف بالله لإثبات صدقه أنه صلى؟ وأتمنى أن تذكروا لي الأدلة إذا كان ذلك محرما.
وآسف على الإطالة.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

فلا حرج في الأصل في سؤال المسلم لأخيه المسلم: "هل صليت" فلعله أن يكون قد نسي فيذكره، وقد سأل النبي صلى الله عليه وسلم أحد الصحابة حين دخل المسجد يوم الجمعة أثناء الخطبة وقال له: أصليت؟ قال: لا، قال: قم فاركع ركعتين .. والحديث في الصحيحين. وجاء في صحيح مسلم وسنن النسائي أن أنس بن مالك -رضي الله عنه- سأل أناسا دخلوا عليه، فقال لهم: أَصَلَّيْتُمُ الْعَصْرَ ؟ .. إلخ. وفي مسند الإمام أحمد عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: اشْتَرَى مِنِّي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعِيرًا، فَوَزَنَ لِي ثَمَنَهُ، وَأَرْجَحَ لِي، قَالَ: فَقَالَ لِي: هَلْ صَلَّيْتَ؟ ...
فيجوز في الأصل سؤال المسلم هل صليت؟ لا سيما إذا كان السائل ممن له ولاية على المسؤول كابنه أو ابنته، مع الحذر من الغلو في سؤال عامة الناس، فربما أشعرهم بكثرة سؤالهم عن الصلاة بشيء من الرقابة عليهم، أو الاستخفاف بدينهم، وأنه يظن فيهم عدم محافظتهم عن الصلاة. والغلو مذموم في كل شيء.

ولا ينبغي أيضا تحليفهم؛ إذ الأصل في المسلم الصدق، وفي تحليفه اتهامٌ له ومعاملةٌ له بسوء الظن والريبة، وقد جاء في حديث معاوية -رضي الله عنه- قَالَ: سمعتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: إِنَّكَ إِذَا اتَّبَعْتَ الرِّيبَةَ فِي النَّاسِ، أَفْسَدْتَهُمْ. رواه البخاري في الأدب المفرد وصححه الألباني، وفي مستدرك الحاكم وسنن أبي داود من حديث أبي أمامة -رضي الله عنه- مرفوعا: إِنَّ الْأَمِيرَ إِذَا ابْتَغَى الرِّيبَةَ فِي النَّاسِ، أَفْسَدَهُمْ.

قال في عون المعبود: إِذَا ابْتَغَى الرِّيبَةَ إِلَخْ) الرِّيبَةُ بِالْكَسْرِ أَيْ طَلَبَ أَنْ يُعَامِلَهُمْ بِالتُّهْمَةِ وَالظَّنِّ السُّوءِ، وَيُجَاهِرَهُمْ بِذَلِكَ.

قَالَ فِي النِّهَايَةِ: أَيْ إِذَا اتَّهَمَهُمْ وَجَاهَرَهُمْ بِسُوءِ الظَّنِّ فِيهِمْ، أَدَّاهُمْ ذَلِكَ إِلَى ارْتِكَابِ مَا ظُنَّ بِهِمْ فَفَسَدُوا. انْتَهَى.

قَالَ الْمَنَاوِيُّ: وَمَقْصُودُ الْحَدِيثِ حَثُّ الْإِمَامِ عَلَى التَّغَافُلِ، وَعَدَمِ تَتَبُّعِ الْعَوْرَاتِ. اهــ.

والله تعالى أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني