الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تنهى أمك عن المنكر بأدب ورفق حسب استطاعتك

السؤال

الموضوع مهم جدا، ويضايقني جدا، أتمنى إن تجيبوا على أسئلتي الصغيرة، وتفيدوني.
اكتشفت من قبل أن أمي تحدث رجلا في الهاتف؛ فأخذت الرقم، وحاولت الوصول إليه، ولكني تعرفت على اسمه فقط. كان أخي قادما من خلفي، فرآني غاضبا، ولاحظ ذلك. وأعلمته بالأمر لعله يفكر معي كيف نتصرف. لكنه تصرف بحمق، واتصل بالرجل وسبه، وواجه أمي بارتفاع صوته، ولم تجبنا بوضوح. فقط قالت: هذه حياتي ولا دخل لكم بها. وحكى أخي لأبي الأمر، فخرجت من البيت غاضبة، وكان لها حق، وعادت إلى البيت بشروط. وأنا أعلم أن كل ما حدث كان خطأ، وأنه كان يجب علي أن أكلمها بلين، وأعرف الحقيقة منها، وأنصحها. ولكنها من الأشخاص الذين لا يعترفون بالخطأ، وتلجأ للهروب من المواضيع الصغيرة فكيف بهذا الأمر!
ما كان من أبي إلا أن صدقها وأعادها إلى البيت، ولم يفعل شيئا. وحدث الأمر مرة أخرى، ولكن هذه المرة مع شخص آخر، وكانت رسائل على الفيس بوك حيث كنت أمسك بالهاتف، وجاءت رسالة محتواها يقول إنه كان هناك اتفاق سابق بأن يتحدثا هاتفيا عندما تكون وحدها خارج البيت. فأردت أن أتحدث إليها وحدنا، فأدخلت أخي في الأمر ليفسده بالصوت العالي، وندخل في مشاكل أخرى وينتهي الأمر. وعلم أبي بالأمر، ولكنه يريد دائما أن ينهي الموضوع؛ لأن شخصيته ضعيفة، ولا يريد تحمل هذه الأمور، ويريد ألا يكون هناك شيء يعكر مزاجه، أو يشعره بالهم. واضطررت إلى نصحها أمام أبي كثيرا، وتذكيرها بالله.
أنا الآن في حيرة: هل يراني الله الآن ديوثا؟ هل على أن أفعل أكثر من النصح والتذكير بالله، كلما وجدت هذه الأمور ؟!
هل على ترك دراستي وصلاتي، وأموري لأجل مراقبتها، كما يقول البعض ؟!. مع العلم أنها لو أرادت معصية الله فلن يمنعها إلا الله، ومن السهل عليها أن تتكلم بالرسائل مع أي أحد، ثم تمسحها، ويمكنها أن تتكلم أثناء نومنا أو انشغالنا. لأني بالتأكيد عندي أمور كثيرة لأفعلها. فكيف سأمنعها إلا إن كنت فارغا ورأيتها؟!. هل الإثم علي، أم على أبي ؟!. هل أنا المسؤول أم أبي ؟!. هل علي الاهتمام بنفسي والنهي عن المنكر، أم أترك نفسي وأتفرغ لها؟!
أفيدوني رحمكم الله.
وشكرا مقدما.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلست ديوثاً، وليس مطلوباً منك أن تتفرغ لمراقبة أمّك، ولكن المطلوب منك أن تنصحها برفق وأدب، وتمنع المنكر إذا رأيته حسب استطاعتك، مع مراعاة حقّ الأمّ.

وإذا كان أبوك هو المسؤول عنها، فإن هذا لا يعفيك من المسؤولية إذا قصّر أبوك في واجبه نحوها، فعن أبي سعيد -رضي الله عنه- أنّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال: مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ، وَذَلِكَ أَضْعَفُ الإِيمَانِ.
قال النووي -رحمه الله-: .. ثم إنه قد يتعين، كما إذا كان في موضع لا يعلم به إلا هو، أو لا يتمكن من إزالته إلا هو ... اهـ.

وراجع ضوابط تغيير المنكر، في الفتوى رقم: 124424
وللفائدة، راجع الفتوى رقم: 305638

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني