الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم الأخذ بقول مفت في طلاق سابق ثم الأخذ بقول مفت آخر في طلاق لاحق

السؤال

طلقت زوجتي الطلقة الثالثة، وأنا عندي أطفال صغار، وسمعت أن الطلاق في طهر كان فيه مجامعة لا يقع، وقد كنت عاشرت زوجتي قبل يوم من الطلاق. فهل لي أن آخذ بفتوى أن الطلاق في طهر كان فيه مجامعة لا يقع؛ وبالتالي فإن هذه الطلقة غير واقعة؟
وهل أنا مكلف شرعا بأي شيء لأردها؟
وفي هذا الحال هل ممكن أن أبحث في الطلقتين الماضيتين إن كانتا في حيض، أو طهر كان فيه جماع، وإن كانتا كذلك إحداهما أو كلتاهما فلا أحسبهما.
علما أن الطلقة الأولى رددتها بعد أسبوع تقريبا من الطلاق، والثانية كانت على الهاتف ورددتها بعد أن انتهت العدة بعقد جديد، والطلقتان منذ حوالي أكثر من ثلاث سنوات.
أرجو أن تفيدوني، وجزاكم الله كل خير.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد اختلف العلماء في الطلاق البدعي، ومنه الطلاق في الحيض، وطلاق الرجل امرأته في طهر جامعها فيه، وقد ذكرنا هذا الخلاف في الفتوى رقم: 5584، والمفتى به عندنا أن الطلاق البدعي يقع. وإن كنت قد عملت في الحالتين الأوليين بقول من يفتي بوقوعه، فليس لك التراجع عن ذلك للأخذ فيهما بقول من يرى عدم الوقوع.

وأما في الواقعة الأخيرة: فإن أفتاك من تثق به بعدم الوقوع فلا حرج عليك في الأخذ بقوله، فالرجوع إلى القول الآخر في هذه الحالة جائز؛ كما نص على ذلك بعض أهل العلم، قال الموري الحنفي في كتابه: (القول السديد في بعض مسائل الاجتهاد والتقليد): مرادهم من قولهم "لا تقليد بعد العمل" أنه إذا عمل مرة في مسألة بمذهب في طلاق، أو عتاق أو غيرها، واعتقده وأمضاه، ففارق الزوجة مثلا واجتنبها، وعاملها معاملة من حرمت عليه، واعتقد البينونة بينه وبينها بما جرى منه من اللفظ مثلا، فليس له أن يرجع عن ذلك، ويبطل ما أمضاه، ويعود إليها بتقليد ثانيا إماما غير الإمام الأول، فهذا معنى قولهم: "ليس له التقليد بعد العمل، ولا يرجع عما قلد فيه وعمل به" ونحو ذلك من العبارات، فأما إذا وقعت تلك الواقعة مرة ثانية مع امرأة أخرى، أو مع زواجها بنكاح جديد، فله الأخذ بقول إمام آخر ولا مانع منه. اهـ.
وإن كنت تظن أن ما ذكرته أخيرا، ومنه كون الطلقتين الأوليين كانتا قبل ثلاث سنوات، يمكن أن يلغي وقوعهما فلا، بل هما واقعتان.

وننبه إلى أن التريث مطلوب وعدم التعجل إلى الطلاق، فإن ذلك يجعل المرء في عافية عما يمكن أن تكون عاقبته الندم، فلتنتبه لذلك. ثم إن الطلاق ليس بالحل الوحيد لمشاكل الحياة الزوجية. وراجع لمزيد الفائدة الفتوى رقم: 1217، والفتوى رقم: 27662.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني