الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

كنت متزوجة، وحصلت مشاكل بين أهل زوجي وأهلي؛ فذهبت إلى أهلي وجلست فترة. وأبي كان قد منعني من أن أتكلم مع زوجي، أو أراه.
وذات يوم سافر أبي، فجاء زوجي من غير أن يعرف أبي، ورأيته ورآني، وتكلمنا، وكانت هناك مسألتان حصلتا، لم أكن أستطيع أن أقولهما لزوجي، فسألني، وقلت له: لا شأن لي، ولا أعرف شيئا، فقال لي: أنت طالق، وأكد لي على الكلمة قال لي: أنت طالق، لو فعلت هذا، وأنت طالق لو تكلمت هكذا. قلت له: أنت بهذا طلقتني، قال لي: أنا أعرف نيتي، وكان قد حصل جماع قبل أن يكلمني في هذا الموضوع.
وبعد أن ذهب بأسبوع، بعث لي رسالة على الواتس، وكنا نتكلم؛ فاستفززته في الكلام فغضب، وبعث لي على الواتس رسالة وقال لي: أنت طالق، طالق، طالق.
بعد أسبوعين كلمته، وقلت له: عندما يأتي أبي اتصل، وطلقني؛ لأني لا أستطيع أن أخبره أني كلمتك، أو رأيتك، وطلقتني. واتفقنا على ذلك، ولما رجع أبي من السفر بعث زوجي أهله لكي نتصالح، ونرجع، فلم يرض أبي، وقال لهم: يأتي ليطلق بنتي، وأنا لم أكن أريد أن أطلق. ويومها زوجي اتصل على أبي، وقال له إنه يريد أن يطلق، لما جئت أنا لكي يحلف عمل صوت الهاتف، ضجة، فلم أسمع كلمة طلاق لا أنا ولا أبي، أبي قال له لم أسمع، هل يمكن أن تعيد، لما أعاد أيضا لم نسمع، قال له: خلاص، خلاص سلام.
زوجي الآن يريد أن يرجعني، لكن لا يعرف هل يمكن أن يرجعني أو لا؟
قلت له أنت كنت تريد أن تطلقني؟ قال لي: أول مرة قلت لك ذلك لكي أجعلك تخافين وتتكلمين.
والمرة الثانية كنت مغضبا، وآخر مرة لم أكن أريد، لكن من أجل أن أباك، بعث تهديدا.
الآن يريد أن يرجعني، لكن نريد أن نعرف هل يستطيع أن يرجعني أو لا؟
أرجو الرد سريعا.
شكرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن كان زوجك علّق طلاقك على فعلك، أو قولك شيئاً ما في الماضي، وكنت فعلته أو قلته، فقد وقع طلاقه، سواء قصد التهديد أو قصد الطلاق، وراجعي الفتوى رقم: 133346.
وأمّا إن كان قصده إن فعلت كذا، أو قلت كذا في المستقبل، فأنت طالق، وكان قصده التهديد لا الطلاق، فقد ذهب بعض أهل العلم إلى عدم وقوع الطلاق في هذه الحال، ولو حصل المعلق عليه، وذهب الجمهور إلى وقوع الطلاق بحصول المعلق عليه، سواء كان قصده التهديد أو الطلاق، وكون الطلاق وقع بعد الجماع، لا يمنع نفوذه عند أكثر أهل العلم، وهو المفتى به عندنا، وانظري الفتوى رقم: 11592، والفتوى رقم: 110547.
وإذا كان كرر التعليق على أمور مختلفة كقوله: أنت طالق إن فعلت، وأنت طالق إن قلت، وحصل منك الفعل والقول، وقعت طلقتان.

جاء في كتاب الفقه على المذاهب الأربعة: الأمر الثاني: أن يعلقه على شيء متعدد، كأن يقول: أنت طالق إن كلمت زيداً. أنت طالق إن دخلت الدار. أنت طالق إن سافرت مع أبيك، وحكم هذا أنه يلزمه الثلاث، ولا ينفعه نية التأكيد لتعدد المحلوف عليه. اهـ.
وأمّا الرسالة التي كتب فيها زوجك: أنت طالق، طالق، طالق، قاصداً الطلاق، فيقع بها طلقة واحدة، إلا إذا نوى الزوج الثلاث، فيقع الثلاث، ولا يمنع وقوع الطلاق كونه كان غاضباً ما دام عقله كان ثابتاً، وراجعي الفتوى رقم: 337432.
والطلاق الذي تلفظ به زوجك من خلال الهاتف، طلاق نافذ، سواء سمعتِه أو لم تسمعيه، لكن إذا كان تلفظ به مكرهاً إكراهاً حقيقياً، فهو غير نافذ، وراجعي حد الإكراه الذي يمنع وقوع الطلاق في الفتويين: 42393، 126302.
وما دام في المسألة خلاف بين أهل العلم، وتفصيل يحتاج إلى الوقوف على واقعة السائلة، وحال الزوج عند صدور الطلاق. فالذي ننصحك به أن تعرضي المسألة على من تمكنك مشافهته من أهل العلم الموثوق بعلمهم، ودينهم، في بلدك.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني