الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم مطاوعة الوالدين في قول أو فعل كفري

السؤال

كنت قد قمت بخطبة فتاة من أهل الكتاب، وهي تعيش بأوروبا، وفي الفترة التي كنا فيها معا حدثتها كثيرا عن الإسلام حتى هداها الله إليه، ولكن هي تخفيه عن أهلها لصعوبتهم معها؛ لأن أخاها قسيس في الكنيسة، وأبوها كذلك، وأمها مداومة على الكنيسة، أما بعد أن هداها الله إلى الإسلام منعتها عن الذهاب، ولكن أهلها أرغموها، ووجدت في إحدى فتاواكم أنه لا ضرر في دخول الكنيسة شرط عدم القيام بطقوسهم، بدليل دخول علي -رضي الله عنه- للأكل، ولكن الأمر زاد سوءا حيث أمروها بقول الكلمات المقدسة، ولكنها لم تفعل، ولكن هم الآن هددوها بطردها من المنزل، وإيقافها عن شغلها، وإعطاء رشوة لإيقافها، وقد فعلها أخوها من قبل. والآن هي في حال صعبة، وإن لم تشتغل لا تستطيع القدوم إليَّ. أفيدوني -بارك الله فيكم- في هذه المرحلة إلى أن أقيم الزواج في وقت قريب، وأخلصها أو يخلصها ربي؛ لأنها عافانا وعافاكم الله مريضة بالسرطان، وإن لم تشتغل لا تستطيع العلاج، وأنا لا طاقة لي بكل ذلك.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن كان الحال كما ذكرت، فإنّ على الفتاة أن تتمسك بإسلامها، ولا تطيع أهلها في فعل أو قول من أفعال وأقوال الكفر، إلا في حال الضرورة إذا خشيت على نفسها الهلاك، فيجوز لها مطاوعتهم بقدر الضرورة مع الإنكار بالقلب، جاء في تفسير الألوسي –رحمه الله-: كل مؤمن وقع في محل لا يمكن له أن يظهر دينه لتعرض المخالفين وجب عليه الهجرة إلى محل يقدر فيه على إظهار دينه، ولا يجوز له أصلا أن يبقى هناك، ويخفي دينه، ويتشبث بعذر الاستضعاف فإن أرض الله -تعالى- واسعة. نعم إن كان ممن لهم عذر شرعي في ترك الهجرة؛ كالصبيان والنساء والعميان والمحبوسين والذين يخوفهم المخالفون بالقتل، أو قتل الأولاد، أو الآباء، أو الأمهات تخويفا يظن معه إيقاع ما خوفوا به غالبا؛ سواء كان هذا القتل بضرب العنق، أو بحبس القوت، أو بنحو ذلك، فإنه يجوز له المكث مع المخالف، والموافقة بقدر الضرورة، ويجب عليه أن يسعى في الحيلة للخروج والفرار بدينه، ولو كان التخويف بفوات المنفعة، أو بلحوق المشقة التي يمكنه تحملها كالحبس مع القوت، والضرب القليل غير المهلك لا يجوز له موافقتهم. اهـ
وينبغي عليك أن تبادر بزواجها، وتنقلها إليك لتخلصها من هذه الورطة، وللفائدة راجع الفتوى رقم: 188701.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني