الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

عرض الطلاق على الزوجة ووعدها به، لا أثر له

السؤال

أنا متزوج منذ ست سنوات، أكرمني الله بزوجة صالحة، أحبها وتحبني، ورزقني الله منها الولد. في السنوات الأولى من الزواج كنا نسكن في بيت عائلتي، وكنا نتعرض لمضايقاتهم، وتدخلاتهم في شؤوني الداخلية، وفي لحظات الغضب كنت أتلفظ ببعض الألفاظ، لم أكن أبالي بها، ولكن مع مرور الوقت تذكرت تلك الألفاظ، وأنبني ضميري، وندمت ندما شديدا على ذلك.
أرجو منك إفادتي، فلقد أرهقني التفكير الدائم حول هذا الموضوع، وما تلفظت به كالتالي:
01- قلت لزوجتي: اذهبي إلى دار أبيك، واحملي متاعك، ولكنها لم تذهب. وعند زوال الغضب لم أنكر عليها عدم الذهاب.
02- في لحظة شجار مع عائلتي، قلت لبعض أفراد عائلتي: إما أن أشتكي بكم، أو أفارق زوجتي.
03- تريدين أن أقول لك أنت طالق إن خرج الولد من غير إذني.
04- قولي لمن يأتي لأخذ الولد إن زوجي سيحرمني إن أخذتم الولد من غير إذنه. علما أنني لم أنشئ لفظ التحريم من قبل ذلك.
05- لو ضربتِ الولد سأتفاهم معك.
06- سأغادر البيت سأترككم، لم أستطع البقاء هنا في ظل المشاكل.
07- اذهبي إلى دار أبيك، ريثما أجد حلا (مع رغبتي في الطلاق لأستريح من المشاكل)
08- إن بقيت معي ستغبنين، اختاري (كنت أرغب في الطلاق) ولكن زوجتي فضلت البقاء وعدم الذهاب.
09- في لحظة غضب كذلك، قلت لزوجتي: ما استطعت هل لك من حل، لا أريد أن أغبنك معي (وكنت أرغب في الطلاق كذلك لأستريح من المعاناة)

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فهنالك قاعدة فقهية مقررة شرعا، وبينها الفقهاء وهي أن الأصل بقاء ما كان على ما كان. ويدخل فيها كون الأصل بقاء عصمة النكاح حتي يثبت العكس. وذلك يندرج تحت القاعدة الكلية من القواعد الفقهية الخمس وهي: أن اليقين لا يزول بالشك. ولمعرفة دليلها، انظر الفتوى رقم: 2330.

ومجمل الإجابة عن هذه الحالات التي ذكرتها أن لا طلاق في أي حالة منها؛ لأن الطلاق لا يقع إلا بلفظ صريح دال عليه مثل: أنت طالق، أو مطلقة ونحو ذلك، أو بكناية وهي: كل لفظ يدل على الفرقة، كقولك: اذهبي إلى دار أبيك. والطلاق الصريح يقع من غير نية، وأما الكناية فلا يقع إلا إذا نواه الزوج. وراجع في ذلك الفتوى رقم: 97022.

وأما مجرد عرضك أمر الطلاق عليها، أو وعدك إياها به، ونحو ذلك، فلا يقع به الطلاق.

وننبه هنا إلى أن الغضب لا يمنع وقوع الطلاق إذا كان صاحبه يعي ما يقول. وانظر الفتوى رقم: 358006، ورقم: 8038، وفي الفتوى الأخيرة بيان كيفية علاج الغضب.

ووصيتنا لكما كزوجين أن يكون بينكما تفاهم في حياتكما الزوجية، وأن تجتهدا في البعد عن المشاكل قدر الإمكان، مع حل ما قد يطرأ منها بحكمة وتعقل، فالطلاق لا يكون حلا إلا في حدود ضيقة، وقد يترتب على التسرع إليه كثير من الندم عندما تتشتت الأسرة، ويضيع الأولاد.

وليحرص كل منكما على القيام بما عليه من حقوق تجاه الآخر، وسبق وأن بينا الحقوق الزوجية في الفتوى رقم: 27662.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني