الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أخْذ الولد غير القادر على تكاليف الزواج من زكاة تركة والده

السؤال

توفي والدي، وترك لنا مبلغًا بسيطًا من المال، وعلمنا قبل وفاته أنه لم يكن يخرج عنه زكاة المال، وقرّرنا تقدير الزكاة الفائتة عنه، وإخراجها قبل توزيع ما تبقى على الورثة، ونحن أخوان، وثلاث أخوات، ووالدتنا، وأنا الأصغر، وكلهم متزوجون إلا أنا، وعمري الآن أربعون عامًا، وأنا أدّخر مالًا كل عام حتى أتزوج، ولكن نظرًا لغلاء الأسعار لم أستطع حتى الآن أن أشتري شقة لي لأتزوج فيها، علمًا أن المال الذي أملكه أدفع عنه زكاة، ولكنه لا يكفي لشراء شقة، كما أنني أمر بظروف نفسية وصحية تجعلني غير مستقر في أية وظيفة، فهل يجوز لي أن آخذ أنا زكاة المال التي قدّرناها عن مال أبي المتوفى؛ حتى أستطيع إكمال تكاليف زواجي؟ وجزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد:

فالعاجز عن تكاليف الزواج يعتبر مصرفًا من مصاريف الزكاة، وله أن يأخذ منه ما يسد حاجته، ويكفي لتزويجه، فلا حرج على الورثة في دفع الزكاة المستحقة على التركة إليك، إذا كنت كذلك، جاء في فتاوى اللجنة الدائمة: لا بأس بمساعدة أخيك على الزواج من زكاتك، إذا كان لا يستطيع الزواج لفقره، ولم يقم والده بتزويجه، وهو يخشى على نفسه من الفتنة؛ لأنه يدخل في مصارف الزكاة الشرعية. اهـ.

وأما شراء سكن للفقير من مال الزكاة، فقد تقدم حكمه في الفتوى رقم: 129347.

وكون الزكاة مستحقة على تركة أبيك، هذا لا يمنع -فيما نرى- من أخذك لها ما دمت من مصارفها، ولا يدخل هذا في دفع الزكاة للفروع.

وقد سبق أن بينا أن كثيرًا من العلماء أجازوا دفع الزكاة للولد إذا كان الوالد عاجزًا عن النفقة عليه، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: وَيَجُوزُ صَرْفُ الزَّكَاةِ إلَى الْوَالِدَيْنِ وَإِنْ عَلَوْا، وَإِلَى الْوَالِدِ وَإِنْ سَفَلَ، إذَا كَانُوا فُقَرَاءَ، وَهُوَ عَاجِزٌ عَنْ نَفَقَتِهِمْ؛ لِوُجُودِ الْمُقْتَضَى السَّالِمِ عَنْ الْمُعَارِضِ الْعَادِمِ، وَهُوَ أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ فِي مَذْهَبِ أَحْمَدَ. اهـ.

وقال: وَأَمَّا إنْ كَانُوا فُقَرَاءَ، وَهُوَ عَاجِزٌ عَنْ نَفَقَتِهِمْ، فَالْأَقْوَى جَوَازُ دَفْعِهَا إلَيْهِمْ فِي هَذِهِ الْحَالِ؛ لِأَنَّ الْمُقْتَضِيَ مَوْجُودٌ، وَالْمَانِعَ مَفْقُودٌ؛ فَوَجَبَ الْعَمَلُ بِالْمُقْتَضِي السَّالِمِ عَنْ الْمُعَارِضِ الْمُقَاوِمِ. اهـ.

والله تعالى أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني