الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

هل يملك وليّ المرأة الذي وكّل شخصّا ما في عقد زواج تلك المرأة، أن يلغي هذا التوكيل الشفويّ قبل العقد، بأن يقول لذلك الشخص الذي وكله شفويًّا: ألغيت توكيلي لك في زواج فلانة، أم لا يملك ذلك الحق؟ ولو ذهب ذلك الموكل، وعقد العقد دون موافقة الولي، فهل يأخذ ذلك العقد حكم نكاح الفضولي، فإن وافق عليه ولي المرأة بعد العقد الذي تم دون موافقته وعلمه، كان العقد صحيحًا؟ جزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فمن وكّل شخصًا في تزويج موليته، فمن حقّه شرعًا أن يلغي التوكيل قبل العقد؛ فينعزل الوكيل بمجرد قوله: عزلتك، أو ألغيت وكالتك في تزويج موليتي؛ لأنّ الوكالة عقد جائز، يجوز لطرفيها فسخها، قال ابن قدامة -رحمه الله- في المغني: وجملته: أن الوكالة عقد جائز من الطرفين، فللموكل عزل وكيله متى شاء. اهـ.

وإذا زوّج الوكيل بعد عزله وعلمه بالعزل، فتصرفه كتصرف الفضولي، جاء في مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى: فَإِنْ تَصَرَّفَ الْوَكِيلُ بِمَا عُزِلَ؛ بِأَنْ اشْتَرَى لِمُوَكِّلِهِ شَيْئًا، وَنَحْوَهُ؛ فَتَصَرُّفُهُ كَتَصَرُّفِ فُضُولِيٍّ. اهـ.

وتزويج الفضولي محل خلاف بين أهل العلم، فمنهم من يبطله، ومنهم من يجعله موقوفًا على إجازة الولي، جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية:

اختلف الفقهاء في حكم إنكاح الفضولي من غير ولاية، أو نيابة، على أربعة أقوال:

أحدها: للحنابلة، والشافعي في الجديد، هو: أن إنكاح الفضولي باطل، لا تؤثر فيه إجازة الولي.

والثاني: لأحمد في رواية عنه، وأبي يوسف، وهو: أن إنكاح الفضولي صحيح، لكنه يتوقف على إجازة الولي، فإن أجازه نفذ، وإن رده بطل.

والثالث: لأبي حنيفة، ومحمد بن الحسن، وهو: أنه إذا كان المتولي لطرفي النكاح شخصًا واحدًا فضوليًّا، كان العقد باطلًا، سواء تكلم بكلام واحد، أو بكلامين، ومثل ذلك في الحكم إذا كان فضوليًّا بالنسبة لأحد الطرفين، ولو كان أصيلًا، أو وكيلًا، أو وليًّا عن الطرف الآخر، ما دام قد تولى العقد عن الطرفين.

أما إذا لم يكن المتولي لطرفي النكاح فضوليًّا، فيكون عقده موقوفًا على الإجازة، سواء قبل فيه فضولي آخر، أو أصيل، أو وكيل.

والرابع: للمالكية، وهو: التفريق بين كون الولي مجبرًا، وبين كونه غير مجبر، فإن كان الولي مجبرًا، لم يجز النكاح الواقع من الفضولي، ولو أجازه الولي.

أما إذا لم يكن له الإجبار، فإما أن تكون المزوجة ذات قدر، أو دنيئة:

فإن كانت ذات قدر، فقال مالك: ما فسخه بالبين، ولكنه أحب إليّ، وقال ابن القاسم: له إجازة ذلك ورده، ما لم يبن بها الزوج، وقال بعض فقهاء المالكية: إن دخل بها الزوج، وطال مكثه معها بمضي ثلاث سنين، أو ولادة ولدين فأكثر، لم يفسخ النكاح، وإلا كان الولي مخيرًا بين الفسخ والإمضاء.

وإن كانت دنيئة، فعندهم في إنكاحه قولان:

أحدهما: أن النكاح ماض مطلقًا، وهو المشهور في المذهب.

والثاني: أنها كذات القدر الشريفة. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني