الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم فتح حساب جارٍ في بنك ربوي

السؤال

بارك الله فيكم وزادكم من علمه.
لي حسابات فى بنك ربوي، لكن حساباتي جارية، وأنا أحتاج إلى هذه الحسابات فى عملي وسفري، وقد رأيت البنوك الإسلامية وغير الإسلامية فى بلدي، وكلها يعرض فائدة، وأنا لا آخذ الفائدة، ولو من بنك إسلامي، ولكن ميزة البنك الذى أتعامل معه في خدمات الانترنت البنكية وأحتاجها بشدة، وتسهل علي كل شيء، ولهذا أنشأت فيه حساباتي الجارية واستصدرت بطاقة debit لأتعامل بها. ولكنى قرأت كلاما أخافني من التعامل مع هذه البنوك، وأنا لا أريد التعامل بالربا مطلقا، ولكن الحقيقة ظننت أن فعلي جائز لأن الحسابات جارية ليس فيها فائدة فقط مصاريف الخدمة، وهو حقهم فإني أحفظ مالي في مؤسستهم.
الأمر الثاني وهو الأهم احتجت بعد فترة لبطاقة credit وأنا أعلم أنها بطاقة ربوية، فاستصدرتها وهي مغطاة برصيد نقدي من مالي (وديعة منفصلة لها مخصوص والمال بها وليست بضمان مرتب شهري بل الرصيد مودع في البنك)، وأنا أعلم أن بها شرطا ربويا في العقد، ولكني أسدد قبل الموعد، وأحيانا كثيرة أودع فيها أكثر من حدها قبل أن أصرفه حتى لا أحتاج أصلا لقرض البنك مع التأكيد ثانيا أن حد البطاقة بالكامل مغطى بأصل نقدى مودع في البنك)
فهل وقعت فى حرام؟ وهل يجوز لي الانتفاع بنقاط تضاف فى حساب (مشترك بين البنك وبين شركة طيران يعطيني ميلا مجانيا مع شركة الطيران هذه لكل 10 أصرفها مستخدما هذه البطاقة) لأني أسافر كثيرا؟ أم أكون استفدت من الربا هنا؟
فالبنك هنا يعطيني هذا الميل مقابل أن أستعمل هذه البطاقة بموجب اتفاقه مع هذه الشركة، كمثل اتفاقه مع بعض المحلات والسوبر ماركتس على خصم عند الدفع بهذه البطاقة لا أخذه عند الدفع كاش.
والربا الذي يضيفونه على حساب الوديعة شهريا أخرجه من الحساب أول ما يتم إضافته (هو الذي من خلاله يمكنني التحكم في البطاقة والسحب والإيداع لأن الوديعة مغلقة للبطاقة على الأقل في فترة البداية 6 شهور شرط لاستصدار هذه البطاقة فتح حساب لها منفصلا ولا يكون جاريا)
فهل وقعت في الربا؟ وهل ينبغي علي وقف هذه البطاقة؟ ولا يجوز لي استخدام هذه الأميال؟ أنا لم أستخدمها بعد هذه الأميال.
أخيرا: أتمنى لو تدلوني على كتاب اقتصاد إسلامي، وحبذا لو كان مترجما، ولا أقصد كتاب عام لفقه البيوع. أقصد لو هناك كتاب مخصص لشرح ما هو الاقتصاد الإسلامي، وإن لم يكن موجودا فلعل الله يقويكم فى تصنيف مثله فما أمس العالم -مسلميه وكافريه- والله لمثل هذا الكتاب الناس يميلون بين الرأس مالية والاشتراكية، وهذه لها كتبها، وهذه لها كتبها، ولا أعرف كتابا اقتصاديا يتناول هذه القضايا المعاصرة الحديثة للدول كاملة ينفع أن يكون منهجا اقتصاديا.
فأرجو لو ترشدونى كيف أدرس هذا الباب، أو ترشحون لي كتبا، وجزاكم الله خيرا.
وأعتذر عن الإطالة.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فأما تعاملك مع البنوك الربوية فلا يجوز لك مع وجود بنوك إسلامية. جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي ما يلي: يحرم على كل مسلم يتيسر له التعامل مع مصرف إسلامي أن يتعامل مع المصارف الربوية في الداخل أو الخارج، إذ لا عذر له في التعامل معها مع وجود البديل الإسلامي، ويجب عليه أن يستعيض عن الخبيث بالطيب، ويستغني بالحلال عن الحرام. انتهى.
وكون بعض البنوك الإسلامية لديها أخطاء في معاملاتها المالية بسبب الأخذ بأقوال مرجوحة أو ضعيفة فهذا لا يساويها بالبنوك الربوية.

فبادر إلى سحب مالك، وإغلاق حساباتك لدى البنوك الربوية، وابحث عن أمثل البنوك الإسلامية حيث أنت وأفضله سمعة في الالتزام بالضوابط الشرعية، وفي مصر بنوك إسلامية كثيرة، فاسأل أهل العلم من المختصين هناك عن أحسنها حالا، وأكثرها انضباطا، واجتنابا للمحاذير الشرعية.

واما النقاط التي أعطيتها من خلال تعاملك بالبطاقة الائتمانية في معاملاتك السابقة، فلا حرج عليك في الانتفاع بها لعذرك بجهل حرمة التعامل مع البنوك الربوية في تلك المعاملات فيما ذهب إليه بعض أهل العلم. قال الشيخ ابن عثيمين: إذا كان قد أخذه فإن كان جهلاً منه، ولا يدري أنه حرام، فإن توبته تجب ما قبلها وهو له, لقوله تعالى: فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ. {البقرة:275}.

وأما الكتاب الذي تريد دراسته والاستعانة به في مجال فهم الاقتصاد الإسلامي فهناك كتاب بحوث في الاقتصاد الإسلامي لرفيق يونس المصري فهو كتاب جيد في تقريب مفهوم الاقتصاد الإسلامي، ولم نطلع على ترجمة له إلى لغات أخرى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني