الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

أعمل مضيفًا جويًّا، وأقدم الخمور أثناء عملي، وأعرف أن ذلك حرام؛ لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: لعن الله الخمر، وشاربها، وساقيها، وبائعها، ومبتاعها، وعاصرها، ومعتصرها، وحاملها، فهل المال الذي أتقاضاه حرام؟ مع العلم أني أقمت مشروعًا حلالًا بذلك المال، وحجَّجت أمي وأبي، وتصدقت من ذلك المال، فهل كل هذا يجعله الله هباء منثورًا؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فالمال الحرام لا ينفع صاحبه التصدق به، فإن الله طيب لا يقبل إلا طيبًا، وقد جاء في الحديث: من جمع مالًا حرامًا ثم تصدق به، لم يكن له فيه أجر، وكان إصره عليه. رواه ابن خزيمة، وابن حبان، والحاكم في صحاحهم. ورواه الطبراني بلفظ: من كسب مالًا من حرام، فأعتق منه، ووصل رحمه؛ كان ذلك إصرًا عليه. وحسنه الألباني في صحيح الترغيب. وانظر الفتوى: 39719.

وعلى ذلك؛ فقدر الحرام من راتب هذا العمل لا ثواب لصاحبه في إنفاقه في أعمال البر والخير، وهذا هو الذي يكون كالهباء المنثور!

وأما قدر المباح من هذا العمل، فلا؛ وذلك أن عمل المضيف في الأصل يعقد على منفعة مباحة، ثم يعرض فيه بعض المحرمات، كتقديم الخمر، ومن ثم؛ فأجرة العمل تكون مختلطة، فيها من الحلال بقدر العمل المباح، وفيها من الحرام بقدر الحرام.

ولذلك كان الواجب على السائل في عمله السابق أن يجتهد في تقدير هذا القدر من الحرام، ثم يتخلص منه بإنفاقه في مصالح المسلمين، ويكون له أجر التوبة، والتخلص من الحرام، وأما الباقي فلا حرج عليه في إنفاقه على نفسه، أو التصدق به، أو استثماره في مشروع تجاري، وراجع في ذلك الفتاوى: 108336، 255190، 297736، 166617.

وأما ما تم استثماره من المال الحرام في مجال مباح، فربحه محل خلاف بين أهل العلم، هل هو تابع للمال نفسه، أم للعامل؟ وراجع للأهمية عن ذلك وغيره مما جاء في السؤال الفتوى: 138376.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني