الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم الطلاق وحقوق المطلقة

السؤال

أنا متزوج منذ ثماني سنين، وأريد أن أطلّق زوجتي بسبب كثرة المشاكل، واستحالة العشرة، مع العلم أن لها مؤخرًا قدره خمسة آلاف جنيه، وأريد أن أعرف جميع حقوقها عند الطلاق من نفقة، ومتعة، وعدة.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فقد سبق بيان حقوق المطلقة، وذلك في الفتوى: 9746، فراجعها، ومنها تعلم أن مؤخر الصداق هذا حق لها عليك، يجب دفعه إليها.

والمتعة مستحبة، وليست واجبة على الراجح، وهو قول جمهور الفقهاء، كما سبق بيانه في الفتوى: 30160.

والعدة ليست من الحقوق، ولكنها من الواجبات على الزوجة، وهي في حق المدخول بها.

وأما من طلقها زوجها قبل الدخول، فلا عدة عليها؛ لقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا {الأحزاب:49}.

ولكن إن كان قد خلا بها خلوة صحيحة، ثم طلقها، فتجب عليها العدة في قول بعض الفقهاء، وراجع الفتوى: 43479.

وننبه إلى أن الحياة الزوجية قلما تخلو من مشاكل، فإن طرأت هذه المشاكل، فعلى الزوجين التعقل، وتحري الحكمة، والتفاهم، بحيث يتمكنا من حل هذه المشاكل، والحفاظ على كيان الأسرة متماسكًا؛ فالغالب أن تترتب على الطلاق آثار سيئة، وخاصة على الأولاد؛ ولهذا ذهب بعض العلماء إلى أن الأصل في الطلاق الحظر، قال ابن عابدين في حاشيته: الطلاق الأصل فيه الحظر، بمعنى: أنه محظور، إلا لعارض يبيحه، وهو معنى قولهم: الأصل فيه الحظر، والإباحة للحاجة إلى الخلاص. فإذا كان بلا سبب أصلًا لم يكن فيه حاجة إلى الخلاص، بل يكون حمقًا، وسفاهة رأي، ومجرد كفران النعمة، وإخلاص الإيذاء بها، وبأهلها، وأولادها. ولهذا قالوا: إن سببه الحاجة إلى الخلاص عند تباين الأخلاق، وعروض البغضاء الموجبة عدم إقامة حدود الله تعالى ... فحيث تجرد عن الحاجة المبيحة له شرعًا، يبقى على أصله من الحظر؛ ولهذا قال تعالى: {فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلًا} [النساء:34]، أي: لا تطلبوا الفراق. اهـ.

وقد تترجح المصلحة أحيانًا، ويكون الفراق أفضل، كما قال ابن قدامة في المغني: فإنه ربما فسدت الحال بين الزوجين، فيصير بقاء النكاح مفسدة محضة، وضررًا مجردًا، بإلزام الزوج النفقة، والسكنى، وحبس المرأة مع سوء العشرة، والخصومة الدائمة من غير فائدة، فاقتضى ذلك شرع ما يزيل النكاح؛ لتزول المفسدة الحاصلة منه. اهـ.

والمقصود التروي والنظر، ومشاورة العقلاء، وانتداب أهل الفضل. وراجع في كيفية علاج نشوز الزوجة، الفتوى: 1103، وفي علاج نشوز الزوج، الفتوى: 35669.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني