الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

من أخبر بطلاق زوجته مازحًا أو سبق لسانه للفظة الطلاق

السؤال

هناك شخص كأنه كان يمزح بلفظة الطلاق، فكأنه على سبيل الهزل والضحك يقول لأصدقائه هزلًا لفظة الطلاق.
وسؤالي هو: إذا قال شخص لفظة الطلاق، ولم ينوِها، كأنها جرت على لسانه، وفلتت منه، أو قالها بغير وعي منه، كأنه يقولها ولا يدري هل قالها أم لا؟ أو بدلًا من أن يقول: نبدل، يقول: نطلق، فهل تطلق عليه زوجته؟ علمًا أن الشخص لم ينوِ، ولم يقصد، ولكن وساوس الشيطان أتته، وأصبح يشك هل وقع أم لا؟ فلو عاشر زوجته، فهل فعل حرامًا؟ علمًا أن لفظة الطلاق أحيانًا تجري على لسان الإنسان، كأن يقول: عليّ الطلاق تتعشى عندي، وهو لا ينوي، وأصبح يحترس جدًّا ألا يعبث بهذه اللفظة، فهو محاسب عليها، أرجو منكم ألا يتم البت بنية الشخص، فهو لم ينوِ. أفيدونا -جزاكم الله خيرًا-. هذا عن المسألة الأولى.
أما الثانية، فهي: كان هناك شخص يدعو عندما كان صغيرًا لم يبلغ، يقول: يا رب، يموت أي شخص من الفئة الفلانية، كأن يكون مهندسًا أو طبيبًا، وإذا به يتفاجأ أنه توفي له شخص يعرفه من نفس الفئة، علمًا أنه كان صغيرًا، وأصبح يشعر بالذنب، وأنه دعا على الشخص بالموت، فهل عليه شيء أو كفارة؟ جزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فمن قال لأصدقائه: زوجتي طالق، أو نحو ذلك من ألفاظ الطلاق الصريحة؛ وقع طلاقه وإن كان هازلًا، ما دام قاصدًا التلفظ بالطلاق، قال ابن قدامة -رحمه الله- في الكافي: وإذا أتى بصريح الطلاق وقع، نواه أو لم ينوه، جادًّا كان أو هازلًا. اهـ.

أما إذا كان تكلم بالطلاق من غير قصد للفظه، كمن سبق لسانه إليه، فلا يقع طلاقه فيما بينه وبين الله، قال ابن قدامة -رحمه الله- في المغني: .... أو قال: أردت أن أقول: طلبتك، فسبق لساني، فقلت: طلقتك. ونحو ذلك، دين فيما بينه وبين الله تعالى، فمتى علم من نفسه ذلك، لم يقع عليه فيما بينه وبين ربه. قال أبو بكر: لا خلاف عن أبي عبد الله، أنه إذا أراد أن يقول لزوجته: اسقيني ماء، فسبق لسانه، فقال: أنت طالق، أو أنت حرة، أنه لا طلاق فيه. اهـ.

ومن جرى لسانه بالحلف بالطلاق من غير عقد القلب، فقد ذهب بعض أهل العلم إلى عدم وقوع طلاقه بالحنث في تلك اليمين فيما بينه وبين الله؛ لكونها من اللغو، جاء في الحاوي الكبير للماوردي -رحمه الله-: فَإِنْ كَانَتِ الْيَمِينُ بِغَيْرِ اللَّهِ مِنْ طَلَاقٍ، وَعَتَاقٍ، سَبَقَ بِهَا لِسَانُهُ لَغْوًا مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ، وَلَا عقدٍ، دين فِيهَا، فَلَمْ يُؤَاخَذْ بِهَا فِي الْبَاطِنِ... اهـ.

وبخصوص سؤالك الآخر عن الشخص الذي كان يدعو وهو صغير بموت بعض الناس من فئات معينة، فلا كفارة عليه، ولا يلزمه شيء بخصوص هذا الفعل.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني