الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

نصائح لمن ابتلي بالمس

السؤال

أنا فتاة عمري 17 سنة، أعاني من تحرشات في المنام واليقظة قبل الاستيقاظ والاحتلام بقليل، فأكون في حلم، وفجأة أجد شخصًا يحاول أن يتحرش بي، وأكثر من مرة وأنا نائمة يلمسني شخص في مناطق حساسة، رغم أنني أقرأ أذكار النوم، وآيات قرآنية، وأنفث في الفراش، إلا أنها أحيانًا لا تؤثر.
وفي إحدى المرات كنت نائمة وأنا أستمع للقرآن، ومع ذلك لمس أحد صدري، واستيقظت فزعة، رغم أن القرآن لم يتوقف؛ مما أصابني بدهشة، وجعلني أفكّر بأن ذلك ربما يكون جنيًّا مسلمًا، لا يتأثر بالقرآن، كما هو شائع أن بعضهم لا يتأثر بالرقية إن كان مسلمًا، ولكني لا أعتقد أن جنيًّا مسلمًا يفعل ذلك، وهذه الأشياء لا تحدث لي إلا في أثناء النوم، فأنا في يومي الطبيعي لا أشعر بأن جنيًّا في داخلي، أو أن لديّ دوالي، أو كدمات، ولكني قرأت أن التحرشات أثناء النوم ليس بالضرورة أن تكون من جني عاشق، أو يعيش في الجسد، بل يذهب ويعود، مثل الجن الطيار، وأحيانًا يكون جنيًّا يتحرش بغرض الرذيلة، لا العشق، وأنه قد لا يكون جنيًّا واحدًا، وأنه ربما قد تحرش بي جني وذهب منذ سنوات، لكن أتى غيره، وحاولت في البداية قبل أن أفكّر بأن ما يحدث كائن حقيقة، أن أقرّ بأن ما يحدث لي توهمات مني، وليس حقيقة، كما تعتقد أخواتي، ولكني متيقنة أنني لا أتوهم!
ذهبت مع أمّي، وأخي، لشخص يقرأ، فقرأ عليّ آيات قرآنية، وأواخر البقرة، ونفث عليّ ماء قد قرئ عليه، فلم أشعر بشيء غريب، ولم أحسّ بتعب، بل إنني ردّدت معه القرآن بقلبي، وكنت واعية تمامًا، وبعدها استعملت الزيت الذي قد قرئ عليه، وأفادني، ولم أستمرّ عليه.
وبعد مرور أشهر، عاد الموضوع، وحدث في شهر رمضان؛ مما أصابني بدهشة، وجعلني أفكّر أنني أتعرض لتحرشات من جانّ مسلم، وبدأت معي هذه الحوادث والمشاكل حين كنت في 14-15 من العمر، فقد كنت أشعر وقت النوم بثقل على أقدامي، وكأن شيئًا جالسًا فوقها، علمًا أنني كنت ذلك الوقت أقرأ أذكار النوم؛ لأني كنت أعاني من الجاثوم، أو شلل النوم، ولكنّ هذا شيء مختلف، فالجاثوم يأتي إن كنت نائمة على ظهري فقط، ولا يحاول أن يتحرش بي، أو يلمسني، ولكنه يحاول الاعتداء عليّ، وضربي أثناء النوم، ولكنه لم يستطع يومًا؛ لأني أقرأ الأذكار، ودائمًا ما أحس به يحاول ضربي، لكن كأنما هناك حاجز، أو شيء يجعله غير قادر على الوصول إليّ، ولكنه لم يعد يأتني منذ سنوات؛ فأنا محافظه على أذكاري، أما ما يحدث الآن، فشيء مختلف.
أنا في هذه الحالات منذ سنتين، ولكن بشكل متقطع، ولا أنكر أنني لست محافظة على صلاتي، ولكني أصلّي، ومحافظة على أذكار الصباح والمساء، والمعوذات، وآية الكرسي منذ الصغر، ومشاكلي مع النوم، بدأت من شلل النوم أو الجاثوم، إلى أن أحسست بأن شخصًا يلمسني، ومن ثم التحرشات، والاحتلام.
أنا أعلم أنه لا شيء أقوى من قدرته سبحانه، وأن شفائي بإذنه، وأعلم أنه جل وعلا يستطيع إبعادهم عني بعد المشرق عن المغرب -إن وجودوا أصلًا-، ولكني أريد برنامجًا يساعدني على تخطّي ذلك من آيات قرآنية، وأذكار، وأفعال تنصحونني بالمداومة عليها.
أسأل الله أن يجعل ما تفعلونه في ميزان حسناتكم، وأن يشفيني، ويشفي كل من يعاني.
جزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإننا لا نستطيع الجزم لك بشيء فيما يتعلق بتفسير، أو معرفة حقيقة هذا الأمر الذي يحدث لك، ولعلك إن التقيت بأحد الثقات والمستقيمين من الرقاة -بوجود أحد محارمك- أن يدرك تفسيرًا لذلك.

وما نوصيك به هنا عدة أمور، ومنها:

أولًا: استشعار أن هذا نوع من البلاء، وأنك إن صبرت عليه، واحتسبت الأجر من الله، ستكون لك عاقبة حسنة بتكفير السيئات، ورفعة الدرجات، تفضلًا من الله سبحانه وتكرمًا، وراجعي في فضل الصبر الفتوى: 18103.

ثانيًّا: الاستمرار في الدعاء، فالله على كل شيء قدير، فإنه يجيب دعوة المضطر، ويكشف الضر، قال سبحانه: أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ {النمل:62}.

ثالثًا: المداومة على الأذكار، وخاصة في الصباح والمساء، وعند النوم، وكذلك رقية نفسك بالرقية الشرعية، وراجعي فيها الفتوى: 4310.

ويمكنك الاستفادة من كتاب: الصارم البتار في التصدي للسحرة والأشرار، للشيخ وحيد بالي.

وإن احتجت لأن يرقيك غيرك، فلا بأس بذلك، وليكن من المستقيمين عقيدة، وخلقًا.

رابعًا: احرصي على المحافظة على الطاعات، وخاصة فريضة الصلاة، بالإتيان بها في وقتها، وعدم تأخيرها عنه.

وعليك كذلك باجتناب المعاصي، والمنكرات، وهذا كله مما يقربك لربك، ويكون حصنًا لك، ويعينك على التخلص من كيد الأشرار.

نسأل الله تعالى لنا ولك السلامة، والعافية من كل بلاء.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني