الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا تبرأ الذمة من النذر إلا بنية الوفاء به

السؤال

لقد نذرت أنه كلما فعلت معصية معينة فإني سأخرج 5 جنيهات صدقة.
■لا أذكر نيتي تحديدا، ولكن لعلها بقصد تأديب النفس وزجرها، وكذلك من باب إتباع السيئة الحسنة (النيتان معا)، وكان ذلك منذ مدة لا أذكرها تحديدا. ولكن كنت وقتها صغيرا مصروفي حوالي 30ج شهريا.
■وكثرت عدد المرات وتراكمت المبالغ مبلغ تلو الآخر، فقمت بالتكفير عن هذا النذر [ولكن] .....!
■لم أكن أعلم وقتها أنه يشترط الإطعام ، كذلك لم أكن أعلم أنه يجب الدفع لعشرة مساكين، ولا يجزئ أقل من العشرة!
■فدفعت مبلغا نقديا يكفي إطعام عشرة مساكين، أو أكثر لأحد من أثق بهم ليخرجه، ولعله أعطاه لشخص واحد أو اثنين على الأكثر [ولم يعط لعشرة مساكين]
■ولأني وقتها ظننت أن هذا أجزأني عدت لفعل هذه المعصية مرة أخرى. للأسف أجاهد نفسي وتغلبني.
■فقمت بعقد نذر آخر وهو التصدق (بجنيه)كلما فعلت هذا الذنب (هذا كله وأنا أعتقد أن النذرالأول قد انقضى وكفر عنه.
■ومكثت أوفي بالنذر الثاني (فقط) حتى [فترة قريبة] وهكذا مكثت مدة لا أضبطها، ولعلها قرابة خمس سنوات أو أكثر لا أعمل بالنذر الأول، وأكتفي بالثاني كلما اقترفت الذنب
■وقد علمت منذ فترة قصيرة شروط الكفارة التي تجزئ عني كما ذكرت أعلاه!! من كونها طعاما ويلزم دفعها للعشرة لا لواحد.
■فماذا عليَّ الآن، وقد كنت أخرج جنيها واحدا ظانا التحلل من النذر الأول؟
■مع العلم أني كنت أكثر الصدقة خصوصا عند دفع ما عليَّ من نذري الثاني كنت أزيد في المال الذي أتصدق به، ولكن بنية الصدقة وابتغاء رضى الله جاهلا أن النذر الأول يلزمني.
■فهل الصدقة هذه تجزئني في الوفاء عن نذري الأول؟
■لقد قرأت أنه يشترط نية أن هذه الصدقة وفاء، ولكن حصل في ذهني ما أشكل علي ! وهو:
■لو نذر شخص مثلا أن يصلي الضحى كل يوم، وبالفعل حافظ عليها، ولكن نسي أصلا أن عليه نذرا، فطفق يصليها لأنها سنة ناسيا أنه نذر هذه القربة. فهل يقال له عليك كفارة؛ لأنك لم تنو الوفاء بنذرك، وقد صليتها دون نية الوفاء لا أظن ذلك فقد حصل المنذور.
■أوليس يمكن أن إخراجي الصدقات يجزئني قياسا على ذلك. فأنا نذرت التصدق، وحصل مني التصدق، وإن كانت نية الوفاء غير حاضرة. وجزاكم الله عنا خيرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فهذا النذر هو المعروف بنذر اللجاج والغضب، والواجب فيه هو إما الوفاء به، وإما كفارة يمين، ثم إنه يقتضي التكرار لاستعمالك فيه ما يفيده وهو لفظ كلما، وانظر الفتوى: 244375، وإذا علمت هذا فإن كانت الكفارة التي أخرجتها لم تقع موقعها -كما ذكرت- فهي كالعدم، ثم الواجب عليك إما التصدق بخمسة جنيهات عن كل مرة فعلت فيها هذا الفعل، أو إخراج كفارة عن كل مرة فعلته فيها، ويجزئك عند الحنابلة كفارة واحدة لما مضى؛ لأنها أيمان موجبها واحد فتداخلت الكفارة، وهذا القول لا شك في كونه أرفق بك.

وعليه؛ فإنك تخرج كفارة واحدة ثم تستأنف نذرك، فإن فعلت ما نذرت تركه تصدقت بستة جنيهات للنذرين جميعا، وانظر الفتوى: 358519، والفتوى: 260005، وعلى القول الأول فعليك أن تحصي ما يلزمك من كفارات فتخرجها أو تخرج المنذور بعدد المرات التي فعلت فيها هذا الفعل، وإن جهلت عددها فتعمل بالتحري؛ لأن هذا هو ما تقدر عليه.

ولا تجزئ صدقة التطوع عن النذر الواجب، وكذا لا تجزئ صلاة التطوع عن الصلاة المنذورة، ولا صيام التطوع عن الصيام المنذور، بل لا تبرأ الذمة من النذر إلا بنية الوفاء به. قال البهوتي في كشاف القناع: (ويجب أن ينوي الصلاة بعينها إن كانت معينة من فرض، كظهر) أو جمعة أو عصر أو مغرب أو عشاء أو صبح، وكذا منذورة (ونفل مؤقت كوتر) وتراويح (وراتبة) وضحى، واستخارة وتحية مسجد. فلا بد من التعيين في هذا كله لتتميز تلك الصلاة عن غيرها. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني