الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

نصائح لمن ابتلي بالفتور بعد الاستقامة

السؤال

أنا شاب عمري سبعة عشر عامًا، أحفظ عشرة أجزاء من كتاب الله -ولله الحمد-، محافظ على الصلاة، وعلى السنن الرواتب، وقد تركت العادة السرية، والصور، والأفلام الإباحية منذ ما يقارب الثلاث أو الأربع سنوات، وفي تلك الفترة تغيرت بشكل جذري، وصرت ألازم المساجد والتحفيظ، وإذا أذنبت ذنبًا أفكر فيه طوال يومي، وكيف سأعاقب، وأرى أنني قد عدت إليها، وأنا مدرك تمامًا لتحريمها، وعدت إلى الصور الخليعة، ونحوها، وأصبحت إذا رأيت صورة أتدرج إلى ما بعدها، إلى أن أتغلب على الشيطان بصعوبة، وعندما أعمل الذنب أكون في حالة حرب كبيرة مع الشيطان؛ لدرجة أني أقرأ سورة الناس لعله أن يذهب عني، ولكن لا جدوى، وأشعر أنّ الحياة اسودت في وجهي، فبعد أن كنت أريد أن أصبح شيئًا كبيرًا في المستقبل، وأخاف على وقتي، أصبحت لا أبالي، وأمشي في حرمات الله، وأنا أعلم.
أرجو مساعدتي، فوالله إني بعد كل مرة أندم وأتوب، وأصبحت لا أثق بنفسي أني لن أكررها ثانية، وصرت باردًا جدًّا في الطاعة، وأشعر أنني أبتعد عن رب العالمين، بعد أن كنت كثير الدعاء، ولا أفوّت العبادات البسيطة جدًّا، أما الآن فأشعر أني بالكاد أقرأ أذكاري، فأرجو مساعدتي. وشكرًا جزيلًا لكم.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فنسأل الله عز وجل أن يردك إليه ردًّا جميلًا، وأن يزين قلبك بالإيمان، والتقوى، وأن يثبتك بالقول الثابت في الحياة الدنيا، وفي الآخرة.

واعلم أن الحياة دار ابتلاء، وامتحان، قال تعالى: كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ {الأنبياء:35}، وجعل الله عز وجل للنفس الإنسانية أعداء يتنازعونها، كما قال الشاعر:

إبليس والدنيا ونفسي والهوى كيف النجاة وكلهم أعدائي!؟

فالصراع سيكون مستمرًّا، والإنسان يمكن أن يفتر بعد نشاط في العبادة، كما في الحديث الذي رواه الإمام أحمد في المسند عن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فإن لكِل عابد شِرَّةً، ولكل شرة فترة، فإمَّا إلى سنَّة، وإما إلى بدعة، فمن كانت فترتُه إلى سنَّة، فقد اهتدى، ومن كانت فترتُه إلى غير ذلك، فقد هَلَك.

ولكن هذا الفتور قد يصل إلى ترك المستحبات، أو الوقوع في المكروهات.

أما إذا وصل إلى ترك الواجبات، وفعل المحرمات، فالأمر خطير، ويخشى على صاحبه أن يموت على سوء الخاتمة، وهذا ما ينبغي أن يكون رادعًا لكل عاص عن معصيته.

فالمطلوب الصدق مع الله عز وجل، وصدق العزيمة، فقد قال الله سبحانه: طَاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ فَإِذَا عَزَمَ الْأَمْرُ فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ {محمد:21}، وينبغي لك التوجه إلى الله بالدعاء، وسؤاله الثبات، وقد روى الترمذي، وابن ماجه عن أنس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول: «يا مقلب القلوب، ثبت قلبي على دينك»، فقلت: يا رسول الله، آمنا بك، وبما جئت به، فهل تخاف علينا؟ قال: «نعم، إن القلوب بين أصبعين من أصابع الله، يقلبها كيف يشاء».

ولدينا كثير من التوجيهات يمكنك أن تستفيد منها، ضمناها الفتاوى 1208، 10800، 12928.

ويمكنك التواصل مستقبلًا مع قسم الاستشارات بموقعنا، فربما وجدت منهم المزيد من التوجيهات النافعة، وهو على هذا الرابط:

https://www.islamweb.net/ar/consult/

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني