الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

كنت إنسانة مؤمنة، أخاف الله، وأصررت على أهلي أن يعلموني الصلاة، وكبرت، وتعرفت إلى شباب عن طريق الإنترنت، وكنت أشاهد مواقع إباحية، وبعد ذهاب الشهوة، أكره نفسي، وأحتقرها، وفي أحد الأيام تحدثت إلى شاب عن طريق الفيديو والصور، وأريته جسمي كله، وأنا خائفة من الله، وخائفة أن يهددني ويفضحني، فإذا تبت لله، وعزمت على عدم فعل ما يغضب الله، وأردت أن يبتعد هذا الشخص عني، وأن يأخذ الله حقي منه، واللهِ إن حياتي أصبحت جحيمًا، وكل ما أتذكر الحرام الذي فعلته، أموت قهرًا، وأخاف أن يطردني الله من رحمته، فهل سيغفر ربي لي ذنبي؟ وهل سوف يبتعد هذا الشخص الخبيث عني؟ وهل هناك أدعية تبعد الناس الأشرار عني؟ أرجو أن لا تقسو عليّ؛ لأني -واللهِ- أدركت عظم الذنب بعد أن ارتكبته، ولا أعلم أين كان عقلي حينئذ.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

ففي سؤالك بعض الألفاظ غير الواضحة، وسنجيبك وفقًا لما فهمنا من سؤالك، فنقول: إنك قد أحسنت بالتوبة من هذا الذنب.

ومن تمام التوبة: أن تقطعي علاقتك بهذا الشاب فورًا.

وأحسني الظن بربك، وثقي بمغفرته، وسعة رحمته، فهو القائل: وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى {طه:82}، روى الترمذي عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: قال الله: يا ابن آدم، إنك ما دعوتني ورجوتني، غفرت لك على ما كان فيك، ولا أبالي. يا ابن آدم، لو بلغت ذنوبك عنان السماء، ثم استغفرتني، غفرت لك، ولا أبالي. يا ابن آدم، إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا، ثم لقيتني لا تشرك بي شيئًا، لأتيتك بقرابها مغفرة.

ولعلك إذا تبت، واتقيت الله، ستر عليك في الدنيا، والآخرة، فهو القائل: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا {الطلاق:2}، فاصدقي معه، فإنه يصدق من يصدقه.

وإذا خفت شر هذا الشاب، فيمكنك الدعاء بما ورد في السنة، ففي الحديث الذي رواه أحمد، وأبو داود عن عبد الله بن قيس الأشعري -رضي الله عنه- أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان إذا خاف قومًا، قال: اللهم إنا نجعلك في نحورهم، ونعوذ بك من شرورهم.

ويمكنك الدعاء بالأدعية العامة، التي تتضمن سؤال الله عز وجل العافية، وقد ذكرنا بعضها في الفتوى: 109632.

وإذا كنت مطاوعة له فيما فعلت، فلا حق لك عليه، ولعلك بتوبتك تلك أن يبدل الله سيئاتك حسنات، كما قال الله تعالى عن عباده المذنبين التائبين: إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا {الفرقان:70}.
وراجعي لمزيد الفائدة، الفتاوى: 1208، 10800، 12928.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني