الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الترهيب من الإعانة على التعامل بالربا بأي وجه

السؤال

أود أن أستوضح الفتوى الشرعية بشأن الموضوع الآتي:
1- أبلغ من العمر 55 عاما، أعمل في شركة تطبيقات الكروت الذكية، شركه خاصة، طبيعة عمل الشركة هي شركه حلول إلكترونية، وبطاقات ذكية. والشركة تعمل كوسيط بين وزارة التموين، والبقالين التموينيين، والمخابز، وإصلاح ماكينات صرف مقررات تموين وخبز، وتسليم بطاقات ذكية للمواطنين، وذلك على مستوى الجمهورية.
2- منذ حوالي شهر قامت إدارة الشركة بعقد اتفاق مع أحد البنوك الربوية (المصرف المتحد) لجعل الشركة وسيطا بين البنك والبقالين التموينيين. بموجب هذا الاتفاق تقوم الشركة بعملية تسويق وإبرام عقود القرض ومتابعته، واستكمال الأوراق والتنسيق بين البنك والمقترض، وتحصيل أقساط القرض، ويكون القرض بحد أقصى 50 ألف جنيه، وبفائدة 30 % سنويا. بخلاف المصاريف الإدارية للبنك.
3- طبيعة عملي كمدير لأحد الفروع، مما يعني أن مسؤوليتي كاملة في التسويق للقروض، وتشغيل الموظفين التابعين للفرع للعمل بالتسويق للقروض، وإبرام عقود القروض، ومتابعة تحصيل الأقساط وغيرها، بما يعني أنني لم أتحمل وزري فقط، بل وزري، ثم وزر الموظفين العاملين بالفرع.
4- أنا الحمد لله ميسور الحال، وربنا فتح علي من فضله ونعمه.
والسؤال هو: هل أترك العمل في الشركة؛ لوجود شبهة الحرام والربا الصريح، مع العلم أنه في مثل عمري، يصعب جدا إيجاد وظيفة أخرى؟
أفيدوني، وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فنسأل الله أن يزيدك حرصا على اتقاء المحرمات، وأن يغنيك من الحلال الواسع.

واعلم أنه يجب عليك ترك العمل الذي وصفته، لما فيه من الإعانة على التعامل بالربا، ومن الأمور المقررة في الشرع أن الإعانة على معصية الله محرمة؛ لقوله تعالى: وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ {المائدة:2}، وقد لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم آكل الربا ومؤكله، وكاتبه، وشاهديه، وقال: هم سواء. رواه مسلم. فلم يجعل الوعيد خاصا بآكل الربا وحده، بل شمل الكاتب والشاهد؛ لأنهم أعانوا على أكل الربا.
قال ابن تيمية: إذا أعان الرجل على معصية الله كان آثما؛ لأنه أعان على الإثم والعدوان، ولهذا لعن النبي صلى الله عليه وسلم الخمر وعاصرها ومعتصرها، وحاملها والمحمولة إليه، وبائعها ومشتريها، وساقيها وشاربها، وآكل ثمنها، وأكثر هؤلاء كالعاصر والحامل والساقي، إنما هم يعاونون على شربها، ولهذا ينهى عن بيع السلاح لمن يقاتل به قتالا محرما: كقتال المسلمين، والقتال في الفتنة. اهـ.
وقد سئلت اللجنة الدائمة: إني أعمل عند رجل يتاجر في أعلاف الدواجن، ولكن يقترض من البنوك مبالغ للمتاجرة فيها مقابل فائدة متفق عليها، وأعمل محاسبا، وبحكم عملي أقوم بتسجيل عمولة البنك، وفائدة البنك التي يفرضها علينا بحكم العقد. فما حكم الدين في عملي؟
فأجابت: لا يجوز لك ذلك العمل؛ لما فيه من التعاون على الإثم والعدوان، ولأن الذي يعمل في ذلك يشمله الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أنه لعن آكل الربا وموكله، وكاتبه وشاهديه » أخرجه مسلم في صحيحه.اهـ.

وصعوبة إيجاد وظيفة أخرى، لا يسوغ لك الاستمرار في العمل المحرم، ما دمت ميسور الحال ولست مضطرا.

وراجع في بيان ضابط الضرورة التي يرخص بسببها في الكسب المحرم، الفتوى: 237145.

وثق ثقة تامة أنك إن تركت العمل المحرم ابتغاء رضوان الله، فسيعوضك الله خيرا لك منه، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنك لن تدع شيئا اتقاء الله عز وجل، إلا أعطاك الله خيرا منه. أخرجه أحمد وصححه الألباني.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني