الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

قول الزوج عن زوجته النصرانية: "سوف آخذ الإقامة وسأطلقها، أو أطلقها"

السؤال

سأختصر قدر الإمكان؛ لأني محبط، ومشتت الفكر. تزوجت فتاة نصرانية، لا تعمل بدِينها بالكلية، بعقد شرعي -قبول، شاهدان، ولي أمرها والمهر-، وكانت أنوي أن تساعدني للحصول على الإقامة والزواج أيضًا، ومساعدتها للتعرف إلى الإسلام؛ لأني أحبها، وفي بعض الأحيان عندما كانت تحدث مشاكل بيننا، كنت أقول لصديق وشيخ: "سوف آخذ الإقامة، وسأطلقها، أو أطلقها"، أو "سأرحل عنها"، وعندما تزداد العلاقة سوءًا، كنت أقول: "سأصبر حتى آخذ الإقامة وسأرحل"، والله أعلم، ومرة تشاجرنا، وقلت لها: "سأذهب إلى بلدي، وسأفكر في أمرنا: هل نكمل أم لا؛ لأننا في مشاكل"، وقلت كذلك: "في حالة إذا لم نكمل، هل تساعديني فيما تبقى للحصول على الإقامة"، وبعد مدة قررنا أن نكمل، وننسى المشاكل، وأخذت الإقامة، والجنسية، ولم أطلقها، ولم أرحل، وأنا ما زلت معها؛ لأني أحبها، ولكن عدم إسلامها مشكل بالنسبة لي، فهل ما قلته يلغي العقد الذي بيننا، ويجعله باطلًا؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فهذه العبارات التي ذكرتها من نحو قولك: "سأطلقها، أطلقها، سأرحل عنها "، ونحو ذلك، ليس فيها تنجيز للطلاق، وإنما هي وعد به، والوعد بالطلاق لا يترتب عليه شيء، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: الوعد بالطلاق لا يقع، ولو كثرت ألفاظه، ولا يجب الوفاء بهذا الوعد، ولا يستحب. اهـ.

وبناء عليه؛ تكون العصمة الزوجية قائمة بينكما.

وقد أباح الله عز وجل نكاح نساء أهل الكتاب من اليهود، والنصارى، فإذا كانت هذه المرأة تؤمن بنبيهم عيسى -عليه السلام-، وتقر بكتابهم الإنجيل، فهي من نساء أهل الكتاب، الذين أباح الله عز وجل الزواج من نسائهم، كما قال تعالى: وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ {المائدة:5}.

وحسن أن تحرص على دخولها الإسلام، ونسأل الله تعالى أن يحقق لك ذلك.

ونوصيك بتعليمها الإسلام، وترغيبها فيه؛ بإبراز محاسنه، وخاصة من خلال تعاملك معها، ومعاشرتك لها بالمعروف، كما قال تعالى: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ {النساء:19}، قال السعدي في تفسيره: على الزوج أن يعاشر زوجته بالمعروف، من الصحبة الجميلة، وكف الأذى، وبذل الإحسان، وحسن المعاملة. اهـ.

وننبه إلى أمر مهم: وهو أن الزواج من نساء أهل الكتاب -وإن كان جائزًا-، إلا أن بعض العلماء كره الزواج منهن؛ لاعتبارات معينة، بيناها في الفتوى: 5315، والفتوى: 124180.

فزواج المسلم من امرأة مسلمة صالحة أولى، لتعينه في أمر دِينه، وتربية أبنائه على عقيدة، وأخلاق الإسلام.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني