الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الزواج بدون دخول بامرأة زنت لفترة وجيزة ثم تطليقها للستر عليها

السؤال

رجل يريد أن يتزوج فتاة تائبة ونادمة بعد وقوعها في الزنا؛ ليستر عليها. على أن يكون ذلك الزواج لمدة أسبوع، ثم يطلقها دون الدخول بها. وهي خائفة من القتل إن علم أهلها، علما أن الذي زنا بها أسقط جنينها بعد ثلاثة أشهر، ومر على الحادثة خمسة أشهر؟
ما حكم ذلك؟
أفتونا بارك الله فيكم، فالأمر مستعجل وخطير.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فنلفت النظر أولا إلى خطورة التساهل في التعامل بين الأجانب من الرجال والنساء، وعدم مراعاة الضوابط الشرعية في منع اختلاط الرجال بالنساء، وخلوة الرجل بالمرأة الأجنبية ونحو ذلك من أسباب الفتنة وانتشار الفواحش، روى البخاري ومسلم عن أسامة بن زيد -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما تركت بعدي فتنة هي أضر على الرجال، من النساء. وثبت في صحيح مسلم عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الدنيا حلوة خضرة، وإن الله مستخلفكم فيها فينظر كيف تعملون، فاتقوا الدنيا واتقوا النساء؛ فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء.

والزنا ذنب عظيم وجرم جسيم، رتب الله عز وجل عليه الحد في الدنيا، والعقوبة في الآخرة، كما هو مبين في الفتوى: 1602. وقد أحسنت هذه الفتاة بالتوبة إلى الله عز وجل، ونسأله أن يتقبلها منها ويغفر لها، ويحفظها فيما بقي من عمرها.

وما دامت قد تابت واستبرأت رحمها، جاز الزواج منها بإذن وليها وحضور الشهود. والزواج بنية الطلاق بعد مدة إن لم يكن عن اشتراط عند العقد، فهو مما اختلف الفقهاء في حكمه، والجمهور على جوازه، ومنع منه بعضهم، وقول الجمهور هو الراجح عندنا، وراجع الفتوى: 50707.

ولا ندري كيف يمكن أن يتحقق الستر عليها إن كان سيتزوجها لمدة أسبوع ثم يطلقها، وهو لم يدخل بها، فهذا التصرف لا يخلو نفسه من مفاسد على المرأة وعلى أهلها، باتهامها بما يريد الستر عليها فيه، فيظن بها سوء. فننصح من أراد الزواج منها بأن يتزوجها على وجه يتحقق به الستر، فيدخل بها ويبقيها في عصمته مدة، ولعل الله تعالى يدخل في قلبه أن يديم عشرتها ويبارك في هذا الزواج، ويرزقان منه ذرية طيبة.

وننبه في الختام إلى أمرين:

الأمر الأول: أن من المنكر العظيم ما يقدم عليه بعض الناس من قتل الفتاة بدعوى حماية الشرف، وذلك فيما إذا أقدمت على الزنا، وسبق التنبيه على ذلك في الفتوى: 70465.

الأمر الثاني: حرمة الإجهاض، ويتأكد المنع إن كانت الروح قد نفخت في الجنين، فيلزم من باشره أو أعان عليه التوبة النصوح، وشروط التوبة مبينة في الفتوى: 5450.

وتجب الدية على من باشر الإجهاض بعد تخلق الجنين، ودية الجنين عشر دية الأم، وقدرت بما يساوي 213 جراماً من الذهب تقريباً. ولمزيد الفائدة تراجع الفتوى: 130939.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني