الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

إجابات حول مشكلة زوجية

السؤال

لدي طفلان. أثناء ولادتي للطفل الأول حصلت مشاكل بسبب رفض زوجي أن يأتي أهلي إلى بيتي؛ فاتفقنا في الطفل الثاني على أن أذهب إلى أهلي في الولادة، وأخبرت أهلي بذلك. وقبل ميعاد الولادة تعبت جدا بالسخونة، ولم أكن أعرف أني ألد.
أنا متزوجة في بيت العائلة. اتصلت بأمي دون علم زوجي لتأخذني للطبيب؛ فأتت، واتصلت بزوجي وقالت إني مريضة. فذهبت أنا وأمي. فذهبت إلى المستشفى لأكشف؛ فوجئت أني ألد، وقبل الولادة تدخل أهلي بأن ألد في المستشفى وليس في عيادة؛ فرفض زوجي، واضطرت إلى أن ألد في المستشفى. وعندما ولدت كان أبي موجودا، فأتى زوجي، فقال أبي: سوف أذهب معه على حسب الاتفاق، فرفض زوجي، فقال أبي: لا بد أن تذهب معي؛ فرفض زوجي. فحلف أبي، فأمسكه أبي من ياقته، ثم أمسكه زوجي من ياقته، وتشاجرا بألفاظ شتم.
بعثت لزوجي ليأخذني؛ فوجدته ذهب، فذهبت مع والدي. بعد أيام اتصلت به، قال لي إني السبب في كل هذا؛ لأني اتصلت بأمي، وأن أرجع لبيتي كأن شيئا لم يكن، دون إذن أهلي، وأن بيتي مفتوح لك، وارجعي بيتك غدا، وكان أبي يرفض أن أرجع؛ لأنه أهين؛ فخفت أن أرجع لزوجي، فأعصي أبي. وزوجي قد طلقني مرتين، ولو قال الثالثة فإلى أين أذهب؟
وزوجي كان رافضا أن يكلمه، أو يطلب منه أن أذهب، يريد أن أذهب بنفسي؛ فرفضت، فلم يتصل بي مرة أخرى.
فلجأت لناس ليتدخلوا للصلح، وأن أرجع، فرجعت بعد شهرين، لكنه يرى أني ناشز، وأني خرجت من بيته من غير إذنه، وأنه ليس مخطئا.
هل هذا صحيح؟
وبعد أن رجعت جاءتني أمي وهو كان متفقا معي قبل أن أرجع لبيتي، مع أهل الصلح ألا يأتي أحد من أهلي، ولم يصل هذا الكلام، وأكد هذا الكلام على من تدخل في الصلح قبل مجيء أمي بيوم فأتت، فرفض أن أقبلها وأن تدخل بيته مرة أخرى؟
هل له الحق في هذا؟
هل أنا مخطئة في أن أكلم أمي قبل الولادة؟
وهل عندما طلب مني العودة ولم أعد هل هذا خطأ؟ وكان أبي يريد الطلاق لما فعله زوجي معه. هل عنده حق؟ وهل طاعة أبي في هذا الوقت خطأ مني، مع العلم أن زوجي لم يكلم أي أحد حتى أرجع، أنا من فعلت ذلك، وكان رافضا حتى لا يرضي كبرياء أبي في التوسل إليه برجوعي. هل عنده حق؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فنسأل الله أن يصلحكما ويصلح بينكما، ويهديكما لأرشد أمركما، ويعينكما على المعاشرة بالمعروف، والمصاحبة بالحسنى.
وقد تضمن سؤالك أموراً عديدة، وجوابنا عليها سيكون في النقاط التالية:
- اتصالك بأمّك عند شعورك بالمرض قبل الولادة لا حرج فيه، إلا إذا كان زوجك قد منعك من ذلك، ونبّه عليك أن تتصلي به في مثل هذه الأحوال، فقد كان عليك طاعته في ذلك.
- ذهابك إلى بيت أهلك دون إذن زوجك، وامتناعك من الرجوع إلى بيته من غير عذر؛ غير جائز.
- لم يكن لك طاعة أبيك في الامتناع من الرجوع إلى بيت زوجك، فطاعة زوجك وحقّه عليك مقدم على طاعة أبيك.

قال ابن تيمية -رحمه الله- في مجموع الفتاوى: الْمَرْأَةُ إذَا تَزَوَّجَتْ كَانَ زَوْجُهَا أَمْلَكَ بِهَا مِنْ أبويها، وَطَاعَةُ زَوْجِهَا عَلَيْهَا أَوْجَبُ. انتهى.
- لم يكن لزوجك أن يسيء إلى أبيك، وكان ينبغي عليه أن يفي بما وعدك به من الإذن لك بالذهاب إلى بيت أهلك عند الولادة.
- لم يكن أبوك على حق في السعي في طلاقك بسبب إساءة زوجك إليه، وقد أحسنت بعدم مجاراته في ذلك.
- لم يكن على زوجك أن يأتي إلى بيت أهلك ليردك إلى بيته ما دمت خرجت دون إذنه، لكن كان الأفضل والأولى أن يفعل ذلك. وراجعي الفتوى: 376477
- ليس من حقّ زوجك أن يمنع أمّك من زيارتك في بيتك، إلا إذا خشي إفسادها لك عليه، وراجعي الفتويين: 197089،299581
- نصيحتنا لك أن تصبري على زوجك وتعاشريه بالمعروف، وتتفاهمي معه، وتجتهدي في الإصلاح بينه وبين أهلك، وتحرصي على تأليف القلوب، والإخبار بكل ما يؤدي إلى الألفة، واجتناب ما يثير التشاحن والتباغض، وإخفاء ما يؤدي إليه ولو بالإخبار بغير الحقيقة، فليس ذلك من الكذب المذموم، فعن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لَيْسَ الْكَذَّابُ الَّذِي يُصْلِحُ بَيْنَ النَّاسِ وَيَقُولُ خَيْرًا، وَيَنْمِى خَيْرًا. رواه مسلم.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني