الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

صلاة من لم يجد إلا ثوبا نجساً

السؤال

الحمد لله على نعمه التي لا تعد ولا تحصى ولكم الشكر على هذا الموقع ذي الفائدة العظيمة لجميع المسلمين بإذن الله سؤالي هو أني قبل الصلاة أتحقق من ملابسي الداخلية ولكن بعد الصلاة أتحقق منها مجددا وفي معظم الأحيان أجد بقعة من الماء في منطقة الفرج أي أنها خرجت أثناء الصلاة فهل هو ينقض للوضوء وهل وجب علي إعادة الصلوات؟
سؤالي الثاني هو أني في يوم من الأيام تغلقت في وجهي جميع الأبواب فقد كنت في منزل في قرية بعيدة فملابسي الداخلية كانت كلها غير نظيفة وملابسي أصابها نجس والكهرباء مقطوعة والمياه باردة وقد كنت أنوي كل النية أن أصلي وعلى كل حال أنا لم أصل أية صلاة في ذلك اليوم فهل سقطت تلك الصلاة عني؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فما وجدته في ملابسك إن لم تتحقق من كونه خارجا من أحد السبيلين كالمذي -مثلا- فلا تلتفت إليه، وكذا لو تحققت من كونه كذلك مع حصول احتمال كونه قد نزل بعد الصلاة فيعتبر غير مؤثر على صحة الصلاة، لأن الأصل عدم خروجه حتى يتحقق من ذلك، كما سبق تفصيله في الفتوى رقم: 47406.

وإذا أصبت بوسوسة في شأن خروج ناقض بعد الاستنجاء فيستحب لك نضح الفرج والسراويل لقطع تلك الوساوس. قال ابن قدامة في المغني: ويستحب أن ينضح على فرجه وسراويله ليزيل الوساوس عنه. قال حنبل: سألت أحمد قلت: أتوضأ وأستبرئ وأجد في نفسي أني أحدثت بعده، قال: إذا توضأت فاستبرئ ثم خذ كفا من ماء فرشه على فرجك ولا تلتفت إليه، فإنه يذهب إن شاء الله. انتهى.

وإذا كان ما ذكرت ملازما لجل الوقت فيعتبر سلسا، وقد سبق حكمه في الفتوى رقم: 12198.

ثم إن برودة الماء ونجاسة ثيابك ليسا مبررين لترك الصلاة، بل الواجب عليك الوضوء أو الغسل إن وجب عليك إذا لم تخش باستعمال الماء مرضا أو زيادته أو تأخر الشفاء. وإن خشيت ضررا محققا باستعمال الماء انتقلت للتيمم لأنه بدل عنه في حالة العجز أو عدمه. قال تعالى: وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ {النساء: 43}.

وبالنسبة لثيابك فإن كان من بينها ثوب طاهر ساتر للعورة فصلِّ به مع نزع البقية المتنجسة.

وإن كانت كلها متنجسة ولم تجد ثوبا طاهرا وقدرت على غسل ما تستر به عورتك فافعل.

وإن لم يمكن ذلك فاختلف أهل العلم هل تصلي بالثياب المتنجسة أو تصلي عريانا وتعيد الصلاة بعد ذلك؟ قال ابن قدامة في المغني: فإن لم يجد إلا ثوبا نجسا قال أحمد: يصلي فيه ولا يصلي عريانا، وهو قول مالك والمزني. وقال الشافعي وأبو ثور: يصلي عريانا ولا يعيد، لأنها سترة نجسة، فلم تجز له الصلاة فيها كما لو قدر على غيرها.

وقال أبو حنيفة: إن كان جميعه نجسا فهو مخير في الفعلين؛ لأنه لا بد من ترك واجب في كلا الفعلين وفعل واجب، فاستويا، ولنا أن الستر آكد من النجاسة. انتهى.

وفي المجموع للنووي: فإن لم يقدر إلا على ثوب عليه نجاسة لا يعفى عنها ولم يقدر على غسله فطريقان: أحدهما: يصلي عريانا، وأشهرهما على قولين أصحهما يجب عليه أن يصلي عريانا، والثاني: يجب أن يصلي فيه، ودليلهما في الكتاب

فإن قلنا يصلي عريانا فلا إعادة، وإن قلنا يصلي فيه وجبت الإعادة. انتهى.

وفي مطالب أولي النهى ممزوجا بغاية المنتهى: ويصلي في ثوب نجس لعدم غيره مع عجز عن تطهيره في الوقت، لأن الستر آكد من إزالة النجاسة لوجوبه في الصلاة وخارجها وتعلق حق الآدمي به، ويعيد من صلى في ثوب نجس لعَدَمٍ لأنه قادر على كل من حالتي الصلاة عريانا والصلاة في الثوب النجس على تقدير ترك الحالة الأولى الأخرى. انتهى.

وعلى كل حال، فما ذكرت غير مسقط لما تركته من صلوات، فالواجب عليك المبادرة بالقضاء إضافة إلى الإكثار من الاستغفار والتوبة إلى الله تعالى وعدم العودة إلى مثل هذا الأمر. وراجع الفتوى رقم: 11267.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني