الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مناسبة قوله عليه الصلاة والسلام "رحم الله أبا ذر يمشي وحده.."

السؤال

الله يعطيكم العافية على الموقع وعندي سؤال: لماذا قال الرسول صلى الله عليه وسلم عن أبي ذر الغفاري أنه يعيش وحيدا ويموت وحيدا ويبعث وحيدا؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن سبب ورود هذا الحديث هو ما ذكره إبراهيم بن محمد الحسيني في كتابه: البيان والتعريف في أسباب ورود الحديث الشريف وابن كثير في البداية أن أبا ذر رضي الله عنه تأخر في الركب في غزوة تبوك بسبب ضعف جمله، فلما أبطأ عليه أخذ متاعه فجعله على ظهره ومشى حتى لحق بالركب، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: رحم الله أبا ذر يمشي وحده ويموت وحده ويبعث وحده.

وقد روى الحاكم في المستدرك عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: لما سار رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى تبوك جعل لا يزال يتخلف الرجل، فيقولون يا رسول الله: تخلف فلان، فيقول: دعوه، إن يك فيه خير فسيلحقه الله بكم، وإن يك غير ذلك فقد أراحكم الله منه، حتى قيل: يا رسول الله تخلف أبو ذر وأبطأ به بعيره، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: دعوه، إن يك فيه خير فسيلحقه الله بكم، وإن يك غير ذلك فقد أراحكم الله منه، فتلوم أبو ذر رضي الله عنه على بعيره فأبطأ عليه، فلما أبطأ عليه أخذ متاعه فجعله على ظهره فخرج يتبع رسول الله صلى الله عليه وسلم ماشيا، ونزل رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض منازله ونظر ناظر من المسلمين فقال: يا رسول الله هذا رجل يمشي على الطريق، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كن أبا ذر، فلما تأمله القوم قالوا: يا رسول الله هو والله أبو ذر! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: رحم الله أبا ذر يمشي وحده ويموت وحده ويبعث وحده، فضرب الدهر من ضربته وسير أبو ذر إلى الربذة، فلما حضره الموت أوصى امرأته وغلامه إذا مت فاغسلاني وكفناني ثم احملاني فضعاني على قارعة الطريق فأول ركب يمرون بكم، فقولوا: هذا أبو ذر، فلما مات فعلوا به كذلك، فاطلع ركب فما علموا به حتى كادت ركائبهم تطأ سريره، فإذا ابن مسعود في رهط من أهل الكوفة، فقالوا: ما هذا؟ فقيل: جنازة أبي ذر، فاستهل ابن مسعود رضي الله عنه يبكي، فقال: صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم يرحم الله أبا ذر يمشي وحده ويموت وحده ويبعث وحده، فنزل فوليه بنفسه حتى أجنه، فلما قدموا المدينة ذكر لعثمان قول عبد الله وما ولي منه.

وأخرج الإمام أحمد في المسند عن أم ذر قالت: لما حضرت أبا ذر الوفاة قالت: بكيت، فقال: ما يبكيك؟ قالت: وما لي لا أبكي وأنت تموت بفلاة من الأرض ولا يد لي بدفنك وليس عندي ثوب يسعك فأكفنك فيه، قال: فلا تبكي وأبشري فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا يموت بين امرأين مسلمين ولدان أو ثلاثة فيصبران أو يحتسبان فيردان النار أبدا، وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ليموتن رجل منكم بفلاة من الأرض يشهده عصابة من المؤمنين وليس من أولئك النفر أحد إلا وقد مات في قرية أو جماعة، وإني أنا الذي أموت بفلاة، والله ما كذبت ولا كذبت. قال شعيب الأرنؤوط: إسناده حسن.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني