الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

هل حدث فى عهد الرسول (صلى الله عليه وسلم) أن الإمام عليا نام والشمس أشرقت في الصباح فطلب الرسول من الله أن تغيب الشمس مرة ثانية حتى يصلي الفجر، ما صحة هذه الحادثة؟ ولكم الشكر.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالذي اطلعنا عليه هو أن هذه القصة تذكر في صلاة العصر وليست في صلاة الفجر وقد رواها الطبراني في الكبير والحاكم والطحاوي والبغوي وبعض أهل السير عن أسماء بنت عميس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى الظهر ثم أرسل عليا في حاجة فرجع وقد صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم العصر فوضع النبي صلى الله عليه وسلم رأسه في حجر علي فنام فلم يحركه حتى غربت الشمس فقال النبي صلى الله عليه وسلم: اللهم إن عبدك عليا احتبس بنفسه على نبيه فرد عليه الشمس، قالت: فرد عليه الشمس، قالت: فطلعت عليه الشمس حتى رفعت على الجبال وعلى الأرض وقام علي فتوضأ وصلى العصر بالصهباء.

وهذه القصة موضوعة ولا يجوز إيرادها والاستدلال بها إلا مع بيان أنها مكذوبة، وقد لام أهل العلم الحاكم صاحب المستدرك والطحاوي والطبراني على إيرادها، قال الملا علي القاري: قال العلماء إنه حديث موضوع ولم ترد الشمس لأحد وإنما حبست ليوشع بن نون. انتهى.

وأورده الشوكاني في كتابه الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة، وقال: قال الجوزقاني عن أسماء بنت عميس، وقال إنه مضطرب منكر، وقال ابن الجوزي: موضوع، وفضيل بن مرزوق المذكور في إسناده قال ابن حبان يروي الموضوعات. رواه ابن شاهين من غير طريقه وفي إسناده أحمد بن محمد بن عقده رافضي رمي بالكذب، ورواه ابن مردويه عن أبي هريرة وفي إسناده داود بن فراهيج وهو ضعيف. انتهى.

وقال ابن تيمية: هذا الإسناد لا يثبت وكثير من رجاله لا يعرفون بعدالة ولا ضبط ولا حمل للعلم ولا لهم ذكر في كتب العلم وكثير من رجاله لو لم يكن فيهم إلا واحد بهذه المنزلة لم يكن ثابتا فكيف إذا كان كثير منهم أو أكثرهم كذلك ومن هو معروف بالكذب مثل عمرو بن ثابت. انتهى.

وقد وهم الطحاوي رحمه الله في مشكل الآثار فأورد للحديث طريقين ثم قال: وهذان الحديثان ثابتان ورواتهما ثقات. انتهى، قال ابن كثير في البداية والنهاية: وقال شيخنا إمام الأئمة -ابن تيمية- هذه عادة الطحاوي، أي أن الطحاوي لا يزيف القصص الزائفة. انتهى، وقال شيخ الإسلام في منهاج السنة: لكن المحققون من أهل العلم والمعرفة بالحديث يعلمون أن هذا الحديث كذب موضوع. انتهى، وراجع للأهمية كلام الحافظ ابن حجر على الحديث في فتح الباري، باب (مرض النبي) الحديث الثامن.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني