الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لايعيب الداعية عدم التزام أهله بالدين

السؤال

أعيش مع زوج يتاجر في الخمور ولا يصلي مع أنني أحاول دائما معه أن يعود إلى الله ويتخلى عن تلك التجارة لكوني أمارس الدعوة ولكن الله لم يهده بعد ، والمحرج في سؤالي هو أنني أصاب بالإحباط عندما تسألني إحدى الأخوات عن زوجي وعن أحواله. ماذا أفعل هل أتخلى عنه وعن الدعوة لكوني فاشلة في وعظ زوجي وابنتي التي لا تريد أن تحتجب ؟ هل سأحاسب أمام الله على مأكلي و مشربي ووو الخ ؟أليس هو المسؤول عنا . أذكركم بأنني رزقت معه بثلاث أولاد ولا أعمل حتى أتمكن من العيش بمال حلال أنا وأولادي. هل دعائي غير مقبول والصدقة أيضا؟ ماذا أفعل ؟ أرجوكم أفيدوني جزاكم الله خيرا ، نوروا علي فإنني أعيش في ظلمة الخوف من الله وعذابه، الله ينور عليكم .

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فلا شك أن دعوة الناس للخير وإرشادهم إليه وتحذيرهم من الشر هو عمل من أحسن الأعمال، وقربة من أفضل القربات، ولهذا يقول الحق سبحانه: وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ {فصلت: 33} وفي الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم. وقال صلى الله عليه وسلم: من دل على خير فله مثل أجر فاعله. وقال: من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه، لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا. رواهما مسلم في صحيحه. فاحمدي ربك على هذا العمل واصبري على ما يصيبك في سبيله من مشاق.

وما ذكرت من تقاعس أهل بيتك عن الالتزام بالدين فليس عذرا في ترك الدعوة إلى الله تعالى ولا عيبا يلحقك، بدليل أن كثيرا من الرسل والدعاة كان من بين أسرهم من لم يستجب لدعوتهم، فهذا نوح عليه السلام مكث في قومه يدعوهم ألف سنة إلا خمسين عاما، ومع ذلك فإن ولده وزوجته ماتا على كفرهما. قال الله تعالى حاكيا عن نوح: رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ (45) قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ {هود 44-45} وقال بشأن امرأة نوح وزوجة لوط: ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَامْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ {التحريم: 10}

ومن المعلوم أن هؤلاء الرسل لم يثنهم عن القيام بدعوتهم تخلف قراباتهم عن اتباعهم، ولا كان ذلك عامل إحباط لهم أبدا.

ولا شك أن الرسل صلوات الله عليهم وسلامه هم قدوة عظيمة لكل داعية، فعليك بمواصلة الصبر والنصح لأهل بيتك ولتكثري من سؤال الله تعالى بالهداية، ولا بأس أن تنوعي الدعوة لهم ،فتارة بالموعظة والتخويف، وتارة بإعطاء الأشرطة والكتيبات التي تتحدث عن أهمية الصلاة والحجاب وحرمة بيع الخمر، فإن فعلت ذلك واستجابوا لنصحك فذلك، وإن لم يستجيبوا فقد أديت ما عليك من النصح نحوهم، وبالتالي، فنرجو أن لا يكون عصيانهم سببا في عدم قبول دعائك.

أما بخصوص الإنفاق من مال زوجك الذي من كسب محرم فيجوز، ولكن في حدود النفقة الضرورية كالأكل والشرب والملبس، وراجعي الفتوى رقم: 9374.

وأما الصدقة من هذا المال الخبيث فغير مقبولة، لقوله صلى الله عليه وسلم يا أيها الناس إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا. رواه مسلم.

هذا، وننبهك إلى أنه إن كان ترك زوجك الصلاة عن جحود فهذا يعد مرتدا عن الإسلام عياذا بالله، لأنه أنكر ما علم من الدين بالضرورة، وبالتالي، فإن رابطة الزوجية بينكما قد انتهت بسبب ذلك.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني