الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

سؤالي هو: نحن مجموعة شركاء لدينا أرض زراعية غير مستصلحة تنبت فيها أشجار تستخدمفي صناعة الفحم فقمنا ببيع هذه الأشجار، علما بأن هذه الأشجار تنبت طبيعيا على المياه الجوفيةوكانت طريقة البيع بتقدير عدد الأشجار ومن ثم بيعها بسعر معين، فهل هذا البيع صحيح، وهل لنا حق في ثمن هذه الأشجار، أفيدوني؟ جزاكم الله خيراً.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد تضمن سؤالك مسألتين:

الأولى: حكم بيع هذه الأشجار في ذاتها.

الثانية: حكم بيعها تقديراً دون عدها.

أما المسألة الأولى، فلا حرج في ذلك لأنكم ما دمتم تملكون هذه الأرض فإنكم تملكون ما فيها من الأشجار، وأما قول النبي صلى الله عليه وسلم: الناس شركاء في ثلاثة: الماء والكلأ والنار. رواه أبو داود وابن ماجه. فهذه الشركة قاصرة على الكلأ دون غيره من الأشجار، على خلاف بين العلماء في الكلأ في الأرض المملوكة، كما أن هذه الشركة قاصرة أيضاً على النار دون الحطب.

قال الكاساني في بدائع الصنائع: والنار اسم لجوهر مضيء دائم الحركة علوا، فليس لمن أوقدها أن يمنع غيره من الاصطلاء بها، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أثبت الشركة فيها، فأما الجمر: فليس بنار وهو مملوك لصاحبه فله حق المنع كسائر أملاكه... (وأما) الآجام المملوكة -الشجر الملتف- في حكم القصب والحطب فليس لأحد أن يحتطب من أجمة رجل إلا بإذنه، لأن الحطب والقصب مملوكان لصاحب الأجمة ينبتان على ملكه وإن لم يوجد منه الإنبات أصلا، بخلاف الكلأ في المروج المملوكة.

وأما المسألة الثانية: فإذا كنت تقصد أنكم قمتم بتقدير عدد الأشجار ثم بيعها جملة بثمن معين، وهذا ما يعرف في الفقه الإسلامي ببيع الجزاف، فقد اشترط أهل العلم لجواز ذلك عدة شروط:

الأول: أن يرى المبيع جزافا حال العقد، أو قبله إذا استمر على حاله إلى وقت العقد دون تغيير.

الثاني: أن يجهل المتبايعان معا عددها، فإن كان أحدهما يعلم عددها فلا يصح.

الثالث: أن يحزرا ويقدرا عددها عند إرادة العقد عليه.

الرابع: ألا يكون ما يراد بيعه جزافاً كثيراً جداً، لتعذر تقديره، ولا قليلاً جداً، لأنه لا مشقة في معرفة قدره بالعد.

الخامس: ألا تقصد أفراد هذا الشجر بالبيع كما هو الحال في الثياب، بل يكون القصد في مجموعها، فإن قصدت أفراده فلا يجوز بيعه جزافاً ولا بد من عده إلا أن يقل ثمن تلك الأفراد فإنه يجوز بيعه جزافاً ولا يضر قصد الأفراد، ولمعرفة المزيد حول هذه الشروط راجع (حاشية الصاوي على الشرح الصغير الجزء الثالث صــ36).

وعليه؛ فإذا توفرت هذه الشروط، ومنها أن يكون الغرض من هذه الأشجار في مجموعها دون آحادها -كما هو ظاهر السؤال- أو يكون الغرض في آحاد هذه الأشجار مع قلة ثمنها، فالبيع صحيح، وإلا لم يصح.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني