الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

سؤالي يتعلق بالدية الشرعية للقتل وما ظهر من أفكار خاطئة حولها بين الناس. قتل شاب من بلدتنا عمره حوالي 17 سنة في مكان عمله وحتى الآن التحقيق ما زال مستمراً مع أنه تم اتهام شاب آخر بنفس عمره تقريباً بقتله , ولكن حتى الآن لم يثبت عليه الاتهام . المهم أن جد القتيل سأل أحد المشايخ عن موضوع الدية فكان جوابه غريباً جداً ( لم أعرف من هو الشيخ وما درجة فقهه ) وهو أنه في حال أخذ أهل القتيل الدية فإن المقتول سيكون عبداً لأهل القاتل يوم القيامة وبذلك فإن أخذها حرام. وهناك أمر آخر يدور في أذهان كثير من الناس حول الدية وهو أن الدية ثمن القتيل ويقول الناس فلان قبض ثمن ابنه ويقول والد القتيل معقول أنا آخذ ثمن ابني, هذا ما سمعته من كثير من الناس بالرغم من معرفتهم بفرضية الدية في القرآن ولكن لا نعلم من أين تسربت هذه الأفكار إلى أذهان الناس. لذا يرجى من فضيلتكم أن توضحوا لنا فقه الدية ومقدارها والحكمة منها لنعرضها على آل الشاب القتيل ليكون معهم الدليل من الكتاب والسنة بمشروعية الدية .وجزاكم الله خيراً .

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالدية حق جعلها الله تعالى لورثة المقتول، قال تعالى: وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلَّا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً {النساء:92}. وتسقط الدية بعفو الورثة، كما هو مبين في الآية، فإن عفا البعض وطالب البعض بها، سقط حق من عفا بشرط أن يكون بالغا رشيدا. والدية تتحملها العاقلة، ومقدارها حدده النبي صلى الله عليه وسلم كما في حديث عمرو بن حزم الطويل وهو في مستدرك الحاكم وغيره، فجعل الدية مائة من الإبل، وقضى فيها بألف دينار ذهبي في حديث عمرو بن حزم، وقضى فيها باثني عشر ألفا من الفضة كما في حديث ابن عباس في السنن. ولك أن تراجع في تفصيلها فتوانا رقم: 14696. وما قاله هذا الذي عرَّفته بأنه شيخ من أنه في حال أخذ أهل القتيل الدية فإن المقتول سيكون عبداً لأهل القاتل يوم القيامة، وبذلك فإن أخذها حرام، هو من الخرافات التي لا يقول مثلها عاقل. وغير صحيح أيضا أن الدية ثمن القتيل، لأن الحر لا يملك ولا يباع، وقد جاء في ذلك من الوعيد ما يدل على نكارته الشديدة وحرمته الغليظة. ففي صحيح البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة: وذكر منهم.. رجلا باع حرا فأكل ثمنه. والحكمة من الدية لا تحتاج إلى توضيح، فهي تعويض عن المصيبة التي لحقت بأهل القتيل، وليس في أخذها أي ضرر.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني