الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

موقف المسلم من أهله الواقعين في الفواحش والمنكرات

السؤال

.إنني أواجه مشاكل كثيرة وكبيرة تكاد تفقدني صوابي حيث لا أستطيع عدها لذا سأقتصر على سرد أهمها:- أبي لا يصلي جماعة ولا في الوقت بحجة المتجر.- أختي لا تصلي.- اكتشفت ولمدة ليست بالهينة أن أخي الأكبر يزور مواقع اللوطية (وهذه أكبر مشاكلي) حيث إنه يزورها كلما استعمل الجهاز في أي وقت ليل أو نهار ويدخل في محادثات معهم ويتبادلون الصور ولقد استطعت تسجيل بعض حواراته ورأيت ما بها من فحش ومنكر بالإضافة إلى كثرة خروجه وتأخره مما أدى بي إلى الشك إلى حد اليقين أنه لوطي ويمارس اللواط.ولما واجهته صاح بوجهي أن ذلك ليس من شأني (ولكم تصور المشهد) مما اضطرني إلى البوح لأبي فعاتبه وخاصمه ولم يتكلم معه يوما أو يومين وفي اليوم الثالث رجع كل لسابق عهده كأن شيئا لم يحصل وبعد مرور مدة طلبت من أبي التدخل مرة ثانية لكن النتيجة كانت كسابقتها وبالتالي قاطعته وأصبحت أكره النظر إلى وجهه فهل المقاطعة في هذه الحالة تعد مقاطعة للرحم؟ والعياذ بالله.بالإضافة إلى ما يعم البيت من ضوضاء الأغاني والتبرج ووووووووو.. ولكم تصور انعكاس ذلك على نفسيتي (علامات متردية، إنزواء، الوسواس...) كما كانت النتيجة أنهم يتهمونني بسبب المشاكل...
أعتذر عن الإطالة ورداءة الأسلوب وأرجو فهم المشكلة ونصحي بما يجب القيام به وذلك في أقرب الآجال.
جزاكم الله خيراً..

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد سبق لنا في الفتوى رقم: 11322 ذكر توجيهات مفيدة لمن أراد نصح أخيه الواقع في فاحشة الزنا أو اللواط، فراجعها لأهميتها.

وللمزيد من النصائح حول كيفية علاج الشذوذ الجنسي راجع الفتاوى التالية: 57110، 6872، 60129، 179، 57426، 62499.

وما تفرع عنها من فتاوى أخرى، وقد سبق لنا أيضاً أن فصلنا حكم صلة من يرتكب المعاصي من الأقارب في الفتوى رقم: 5640.

والمقصود من الهجر والمقاطعة هو التأديب والزجر عن ارتكاب المعصية، فإن كنت ترى في هجر أخيك ما يؤدي إلى رجوعه عن المعصية شرع لك هجره وإلا فلا.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى: فإن المقصود به زجر المهجور وتأديبه ورجوع العامة عن مثل حاله، فإن كانت المصلحة في ذلك راجحة بحيث يفضي هجره إلى ضعف الشر وخفيته كان مشروعاً، وإن كان لا المهجور ولا غيره يرتدع بذلك، بل يزيد الشر والهاجر ضعيف بحيث يكون مفسدة راجحة على مصلحته لم يشرع الهجر، بل يكون التأليف لبعض الناس أنفع من الهجر، والهجر لبعض الناس أنفع من التأليف، ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يتألف قوماً ويهجر آخرين.

وللمزيد من الفائدة راجع الفتوى رقم: 22420.

وأما بخصوص عدم محافظة أبيك على الصلاة في وقتها ومع الجماعة وترك أختك للصلاة، فالواجب عليك نصحهما ، وتذكيرهما بالثواب الكبير لمن حافظ على الصلاة لاسيما في أول وقتها، ولمعرفة فضل ذلك وحكم تأخير الصلاة عن وقتها راجع الفتوى رقم: 29747 ولمعرفة مواقيت الصلاة التي حددها الشرع راجع الفتوى رقم: 4538.

ويجب أن يكون نصحك لأبيك برفق ولين، امتثالاً لقوله تعالى: وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ * وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ {لقمان: 14-15}.

وللمزيد من الفائدة حول نصح الولد لوالده المرتكب لبعض المعاصي راجع هاتين الفتويين: 7154، 22420.

وقد سبق لنا بيان أن الراجح من كلام العلماء أن تارك الصلاة كافر فراجع الفتوى رقم: 1846، والفتوى رقم: 1145.

وراجع في كيفية معاملة الأخ لإخوانه التاركين للصلاة الفتوى رقم: 17419.

ثم ننصحك يا أخي الكريم بأن تنصح أهل بيتك وتؤدي ما يجب عليك نحوهم، ثم أن تعلم أن الهداية بيد الله عز وجل وليست بيد الداعي إلى الله تعالى، ولهذا فلا تهلك نفسك حزناً على عدم اهتدائهم، وقد قال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم: أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآَهُ حَسَنًا فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ {فاطر: 8}.

قال ابن كثير في تفسيره لهذه الآية: أي لا تأسف على ذلك، فإن الله حكيم في قدره، إنما يضل من يضل ويهدي من يهدي لما له في ذلك من الحجة البالغة والعلم التام، ولهذا قال: إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ..

وقال في موضع آخر: أي لا تأسف عليهم، بل أبلغهم رسالة الله، فمن اهتدى فلنفسه، ومن ضل فإنما يضل عليها، ولا تذهب نفسك عليهم حسرات.

وهذا كله لا يعني ترك دعوتهم ونصحهم، فإن ذلك واجب عليك نحوهم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني