الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تسمية الفائدة بغير اسمها لا يغير من حقيقتها

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيمنشكركم جزيل الشكر على هذا الموقع راجيا لكم التوفيق سؤالي:مجموعة شباب تحصلنا على قرض من مصرف أهلي بنسبة زيادة 3% يقولون إنها مقابل خدمات المصرف تحول المبلغ إلى حساب الشركة في مصرف أجنبي وأصبح المصرف في الأخير يعطينا فؤائد على المبالغ ،هذه الفوائد وبفضل فتواكم أصبحنا نتخلص منها في أمور المسلمين العامة والحمد لله.أولاً: هل يجوز استخدام المال الربوي عند الضرورة وإرجاعه لاحقا للتخلص منه.ثانياً: هل يجوز استخدام المال الربوي في تسديد ديون بعض الشباب المشاركين في الشركة.ثالثاًَ: المصرف الأهلي المقرض أصبح يطالبنا بهذه الفائدة فهل يجوز إعطاؤه هذا المال بنية التخلص منه.رابعاً: بماذا تنصحنا لكي يصبح مالنا حلالا نبتغي وجه الله ونريد الحلال ومعظم الشباب الذين تحصلوا على هذا القرض في حالة مادية سئية.خامساً: لايوجد لدينا بنك إسلامي في هذا البلد لنضع هذه الأموال به وإذا تركنا هذه الفائدة فسيأخدها المصرف الأجنبي ويستفيد بها فهل هذا أفضل من أن يستفيد بها المسلمون؟جزاكم الله خيراً.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد سبق أن بينا أن تسمية الفائدة الربوية التي يحصل عليها المصرف: خدمات مصرف، أو نحو ذلك من التسميات، لا يغير من حقيقة كون هذه الفائدة ربا محرم، لأن العبرة بالحقائق والمعاني لا بالألفاظ والمباني، وراجع للتفصيل الفتوى رقم: 62744.

وعليه، فلا يجوز لكم الاقتراض من هذا المصرف أو غيره ممن يقرض بفائدة ربوية، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ {البقرة: 278-279}.

ومحل ذلك ما لم تكن هناك ضرورة ملجئة، لا يمكن دفعها إلا بالاقتراض بالربا، والإ جاز، وذلك لعموم قوله تعالى: وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ {الأنعام: 119}.

ولمعرفة حد الضرورة الملجئة راجع الفتوى رقم: 22106.

ولا يجوز لكم وضع المال في البنك الربوي، ويتعين عليكم سحبه منه، ولا يجوز لكم الاستمرار في هذه العملية المحرمة ولو لم تأخذوا شيئاً من الفوائد الربوية، لما في الاستمرار فيها من إقرار الربا والرضا به، إلا إذا كنتم تخشون على هذا المبلغ من السرقة ولم تجدوا مكانا تحفظونه فيه إلا البنك الربوي، فيجوز لكم في هذه الحالة وضعه فيه في الحساب الجاري وإذا ترتبت عليه فوائد، فلا تتركوها للبنك، لما في ذلك من تقوية اقتصاده وإعانته على الربا، والواجب هو التخلص منها بصرفها في مصالح المسلمين، كإعانة الفقراء والمساكين وبناء المدارس الإسلامية ونحو ذلك من المصالح، ولا يجوز لكم الانتفاع بهذه الفوائد في تسديد الديون أو تسديد الفوائد المستحقة عليكم أو غير ذلك، إلا أن تكونوا مضطرين ضرورة ملجئة للانتفاع بها، فيجوز لكم الانتفاع بها حينئذ ولا يلزمكم ردها لأنكم حينئذ مصرف من مصارفها الشرعية، وراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 45011، 20968، 942، 13176.

والذي ننصحكم به: أن تتوبوا إلى الله وتمتنعوا عن التعامل بالربا اقتراضا أو إيداعا حيث لم تكن هناك ضرورة إلى ذلك وتتحروا الكسب المشروع الحلال ولو كان قليلاً، وأن تبتعدوا عن الحرام، ولو كان يدر عليكم الكثير من المال، فقد قال الله تعالى: قُلْ لَا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ {المائدة: 100}.

وقال تعالى: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ {المائدة: 2-3}.

وراجع الفتوى رقم: 3833، والفتوى رقم: 7768.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني