الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تعقيب على استفسار بشأن يزيد بن معاوية

السؤال

لقد أفتيتم حضرتكم في يزيد بن معاوية ما خالف قراءتي عن ذلك الخليفة في كتاب: "العواصم من القواصم" أريد أن أنوركم بما جاء فيه بتصرف:1- من منا أفضل من محمد بن الحنفية - رضوان الله عليهم-؟! أظن لا أحد.2- من منا يملك المروءة والشجاعة والإقدام أكثر منه في هذا العصر؟! أظن لا أحد.3- من منا أحق بالثأر لأخيه- الحسين - من يزيد؟! أظن لا أحد. عندما قيل له من بعض أتباع ابن الزبير المروجين له في المدينة المنورة إن يزيد يشرب المسكر، بماذا أجابهم؟! أحد الأمرين أما تسامرتم معه أو تقولتم عليه.
2) من منا أفضل من الإمام أحمد- رحمه الله -؟!إنه أثنى على يزيد في كتابه الزهد أو الزهاد هذا كان رأي الإمامدعني أضيئ نقطا لكم:المعروف إن الإمام أحمد يقف في وجه الباطل فتعذب ونكل في زمن الدولة العباسية حتى يقر بأن القرآن مخلوق، وبما أنه عاش في تلك الفترة فإنه لم يحاب الدولة الأموية -حاشا لله أن يفعل- كما أنه عرف عن يزيد حسنه ورديئه.3) أختم بالهادي البشير رسولنا العظيم صلى الله عليه وسلم له حديث معناه: "إن أول جيش يغزو القسطنطينية مغفور له". بالله عليكم من كان قائد هذا الجيش؟! أليس يزيد كما نعرف، فقول الرسول صلى الله عليه وسلم حق وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى.أنا لا أزكي يزيد على صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم حاشا لله أن أفعل، وإنما أطلب منكم عندما قرأت على موقعكم الجانب المعتم ولم تقولوا الجانب المضيء.في النهاية أقول: أفتوني في أمري.أعدكم بأنها ستكون المسألة الأخيرة في هذا السياق، وجزاكم الله خير الجزاء.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فنرجو أن تراجع بعض ما كتبناه عن يزيد بن معاوية في فتوانا رقم: 36047 والذي ذكرناه فيها من الإمساك عنه، وتفويض أمره إلى الله تعالى هو الذي في سائر فتاوانا.

وإذا كنت قد قرأت في موقعنا الجانب المعتم من سيرة يزيد، ولم تقرأ فيه الجانب المضيء؛ فاعلم أن جميع ما ذكرته أنت ونسبته إلى كتاب "العواصم من القواصم" لا يتنافى مع ما في فتاوانا. فجواب محمد بن الحنفية من أخبروه عن سكر يزيد بأنهم إما تسامروا معه أو تقولوا عليه، لا يدل على نفي ما نسب إليه، ولكنه ورع من محمد بن الحنفية رضي الله عنه، فلم يقبل التهمة المذكورة من غير بينة.

والحديث الذي فيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أول جيش يغزو القسطنطينية مغفور له، وأن أول جيش غزاها كان أميره يزيد، لا ينافي أيضًا أن ليزيد مآخذ كثيرة، ولكن الله قد يغفرها له، وقد لا يغفرها له، ويكون للحديث من المخصصات ما يخرج به يزيد وغيره من عموم لفظ الحديث.

واعلم أن أهل العلم قد اختلفوا في أمر يزيد بن معاوية، بين المجيزين للعنه والمجيزين لمحبته.

وننقل لك كلام شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - في كتابه مجموع الفتاوى في هذا الموضوع، حيث قال: والتحقيق أن هذين القولين يسوغ فيهما الاجتهاد، فإن اللعنة لمن يعمل المعاصي مما يسوغ فيها الاجتهاد، وكذلك محبة من يعمل حسنات وسيئات، بل لا يتنافى عندنا أن يجتمع في الرجل الحمد والذم والثواب والعقاب. كذلك لا يتنافى أن يصلى عليه ويدعى له وأن يلعن ويشتم أيضًا باعتبار وجهين. فإن أهل السنة متفقون على أن فساق أهل الملة وإن دخلوا النار أو استحقوا دخولها فإنهم لا بد أن يدخلوا الجنة فيجتمع فيهم الثواب والعقاب ... إلى آخر كلامه.

وعلى أية حال، فإنا نشكرك على هذه الملاحظات التي لا شك فيها إثراء للموقع.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني