الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل تقبل توبة من أشرف على الموت

السؤال

يقال :( لا تنفع التوبة عند المعاينة) هل ينطبق هذا القول على من أشرف على الموت بسبب الغرق أو الهدم أو الحريق بالرغم أنهم يعتبرون شهداء؟ وشكرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: إن الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر. رواه أحمد والترمذي والحاكم وصححه ووافقه الذهبي.

وقد دل هذا الحديث على عدم قبول التوبة بعد الغرغرة, والغرغرة هي وصول الروح الحلقوم، وهذا هو الوقت الذي قال الله في شأنه: وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ المَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآَنَ وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا {النساء:18} وهو الوقت الذي قد يعاين فيه بعض الناس الملائكة. فمن غرق فعلا أو احترق أو انهدم عليه منزل ويئس من الحياة فلا تقبل توبته كما قال ابن كثير والقرطبي والمناوي.

قال ابن كثير: دلت الأحاديث على أن من تاب إلى الله عز وجل وهو يرجو الحياة فإن توبته مقبولة, وأما متى وقع الإياس من الحياة وعاين الملك وحشرجت الروح في الحلق وضاق بها الصدر فلا توبة مقبولة حينئذ. اهـ

وقد استشهد القرطبي لهذا بحال فرعون لما أدركه الغرق فإنه لم تقبل توبته.

وقال المناوي في شرح حديث ما لم يغرغر: إن محل قبول التوبة ما لم ييأس من الحياة؛ لأن من شروط التوبة العزم على عدم العودة له, وذلك إنما يتحقق مع تمكن التائب منه وبقاء الأوان الاختياري.

وأما كون هؤلاء شهداء فهو صحيح كما قدمنا في الفتوى رقم:58628، والله تعالى يثيبهم بأجر الشهداء, ومنه غفران الذنوب كما في حديث مسلم: يغفر للشهيد كل ذنب إلا الدين.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني