الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيفية تقويم عروض التجارة في المذهب الشافعي

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أفتوني جزاكم الله خيرا ماهو المعتبر في تقويم عروض التجارة لإخراج الزكاة عند الشافعية هل هو ثمن العروض وقت الشراء من الغير للبيع أو وقت البيع للغير آخر الحول أو ثمن السوق آخر الحول مع المراجع ؟والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فمذهب الشافعية في تقويم عروض التجارة الواجبة فيها الزكاة هو كالتالي:
إذا اشتريت بضاعة بمال بلغ نصاباً، بنفسه أو بما ينضم إليه من نقود أو عروض تجارة أخرى، فلذلك أحكام متعددة بحسب حالة البضاعة:
أولاً: إذا حال الحول على البضاعة وهي ما زالت باقية لم تبع، فينظر إلى قيمتها في السوق قبل تمام الحول، فتزكى على قيمتها الحالية قبل نهاية الحول -ولو بلحظة- سواء ارتفعت قيمتها، أو هبطت، فمثلاً: إذا اشتراها بمائتي درهم، ثم صارت قيمتها قبل تمام الحول ثلاثمائة درهم، فإنه يزكي بعد تمام الحول على الثلاثمائة درهم، وكذلك إذا كانت قيمتها قبل تمام الحول - ولو بلحظة- مائة وخمسين درهماً، فإنه لا زكاة عليها لأن قيمة البضاعة أصبحت دون النصاب ما لم ينضم إليها ما تبلغ به النصاب من نقود أو عروض.
ثانياً: إذا باع البضاعة في أثناء الحول فله حالان: إما أن يمسك النقد معه إلى نهاية الحول، وإما أن يشتري به بضاعة أخرى، وهو قد باع البضاعة بنفس ثمنها أو بأقل منه، لكنه بالغ نصاباً، فإنه يزكي في نهاية الحول عن المبلغ الذي في يده.
أما إذا كان باعها بربح، كأن اشترى البضاعة بمائتي درهم، فباعها في أثناء الحول بثلاثمائة درهم، وتم الحول والمبلغ في يده، ففي هذه الحالة للشافعية طريقان:
أصحهما - وبه قال الأكثرون- :أنه يزكي الأصل بحوله، ويفرد للربح حولاً مستقلاً.
والثاني: يزكي الجميع بحول الأصل.
والطريق الثاني: القطع بأن الربح يفرد بحول مستقل.
وعليه فإن معتمد مذهب الشافعية أنه يزكي المائتي درهم في نهاية الحول، وأما المائة الدرهم التي هي ربح، فيستأنف بها حولاً مستقلاً، وللشافعية وجهان في بداية هذا الحول أصحهما: أن الحول للربح يبدأ من حين النضوض -أي صيرورة البضاعة نقداً-.
والوجه الثاني: من حين الظهور -أي ارتفاع سعر البضاعة قبل بيعها-.
وفي الحالة الثانية: إذا اشترى بالنقد بضاعة أخرى قبل تمام الحول، فطريقان: أصحهما: أنه كما لو أمسك النقد إلى نهاية الحول.
والثاني: القطع بأنه يزكي الجميع بحول الأصل.
ثالثاً: إذا نض المال أي تحولت السلعة إلى نقد، ولكن بعد تمام الحول وربح فيها، فإن كان الربح قد ظهر قبل تمام الحول -أي عرف مسبقاً من خلال سعرها في السوق- ثم باعها بعد تمام الحول، فإنه يزكي الجميع بحول الأصل بلا خلاف.
أما إذا ظهر الربح بعد تمام الحول، فوجهان للشافعية:
أحدهما: يزكي الجميع بحول الأصل.
والثاني - وهو أصح الوجهين-: يستأنف للربح حولاً مستقلاً.
مثال ذلك ما إذا ملك عشرين ديناراً، فاشترى بها بضاعة، ثم باعها بعد ستة أشهر من ابتداء الحول بأربعين ديناراً، واشترى بها سلعة أخرى، ثم باعها بعد تمام الحول بمائة دينار، فإن قلنا : الربح من الناض لا يفرد بحول فعليه زكاة جميع المائة .
وإن قلنا إن الربح من الناض -أي عندما تصبح البضاعة نقداً- يفرد بحول مستقل، وهو الأصح والأظهر عند الشافعية، فإنه عند تمام الحول عليه زكاة خمسين ديناراً، لأنه اشترى السلعة الثانية بأربعين منها: عشرون رأس ماله الذي مضى عليه ستة أشهر، وعشرون: ربح استفاده يوم باع الأول، فإذا مضت ستة أشهر فقد تم الحول على نصف السلعة، فيزكيه بزيادته، وزيادته ثلاثون ديناراً، لأنه ربح على العشرينتين ستين، وكان ذلك كامناً وقت تمام الحول، ثم إذا مضت ستة أشهر أخرى، فعليه زكاة العشرين الثانية، فإن حولها حينئذ تم، ولا يضم إليها ربحها، لأنه صار ناضاً قبل تمام حولها، فإذا مضت ستة أشهر أخرى فعليه زكاة ربحها، وهي الثلاثون الباقية، فإن كانت الخمسون التي أخرج زكاتها في الحول الأول باقية عنده، فعليه زكاتها أيضاً للحول الثاني مع الثلاثين.
وللاستزادة في ذلك تراجع كتب فروع الشافعية، كالمجموع شرح المهذب للنووي، وكروضة الطالبين، وعمدة المفتين للنووي أيضاً، وكمغني المحتاح إلى معرفة ألفاظ المنهاج للخطيب الشربيني.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني