الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

في الحديث القدسي يقول الله تعالي:
إن الله إذا أحب عبدا نادى جبريل, يا جبريل إني أحب فلانا فأحبه فيحبه جبريل فينادي جبريل في أهل السماء إن الله يحب فلانا فأحبوه فيحبه أهل السماء ثم يوضع له القبول في الأرض فيحبه كل أهل الأرض. ....
هل يعني أن الشخص المحبوب من قبل الناس شخص صالح و المكروه غير ذلك ... مع العلم أني أعلم أشخاصا محبوبين جدا وناجحين ولكنهم لا يؤدون الصلاة المفروضة ... بالنسبة لي أنا مؤمنة الحمد لله ولكن أشعر أني مقصرة ولست جاحدة بحق الله من صلة الرحم و بر الوالدين و الصداقات ... و لكن الحمد لله اشعر بمحبة غريبة من كل من أتعرف عليه حديثا ... لا يمر يوم واحد حتى تتوطد الصداقة و المحبة بدون أي مصلحة من قبل الطرفين ... فهل هذا دلالة على رضى الله و محبته ... أما مشكلتي فهي مع عمي فأنا وكل أفراد العائلة الأقارب والأصدقاء الكل يبغضه ويبغض تصرفاته مع العلم انه يصلي ويصوم ... فعلام يدل ذلك؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن تقوى الله تعالى تنال بها محبة الله والقبول بين عباده في الأرض، قال الله تعالى: بَلَى مَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ وَاتَّقَى فَإِنَّ اللهَ يُحِبُّ المُتَّقِينَ {آل عمران:76} .

وعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا أحب الله العبد نادى جبريل أن الله يحب فلانا فأحبه فيحبه جبريل فينادي جبريل في أهل السماء إن الله يحب فلانا فأحبوه فيحبه أهل السماء ثم يوضع له القبول في أهل الأرض. رواه البخاري.

وعن هرم بن حيان قال: ما أقبل العبد بقلبه إلى الله إلا أقبل الله بقلوب المؤمنين عليه حتى يرزقه مودتهم، فقد وعد الله عز وجل عباده... بهذه المودة، قال الله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا {مريم:96} .

وقد بين ابن حجر في الفتح سبب ذلك، وأن محبة الناس للعبد علامة لحب الله له فقال:

قوله إذا أحب الله العبد وقع في بعض طرقه بيان سبب هذه المحبة والمراد بها، ففي حديث ثوبان إن العبد ليلتمس مرضاة الله تعالى فلا يزال كذلك حتى يقول يا جبريل إن عبدي فلانا يلتمس أن يرضيني، ألا وان رحمتي غلبت عليه، الحديث أخرجه أحمد والطبراني في الأوسط ويشهد له حديث أبي هريرة الآتي في الرقاق ففيه ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، الحديث. قوله إن الله يحب فلانا فأحبه بفتح الموحدة المشددة ويجوز الضم ووقع في حديث ثوبان فيقول جبريل رحمة الله على فلان وتقوله حملة العرش، قوله فينادي جبريل في أهل السماء إلخ في حديث ثوبان أهل السماوات السبع، قوله ثم يوضع له القبول في أهل الأرض زاد الطبراني في حديث ثوبان ثم يهبط إلى الأرض، ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم: إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا، وثبتت هذه الزيادة في آخر هذا الحديث عند الترمذي وابن أبي حاتم من طريق سهيل عن أبيه.....

والمراد بالقبول في حديث الباب قبول القلوب له بالمحبة والميل إليه والرضا عنه، ويؤخذ منه أن محبة قلوب الناس علامة محبة الله، ويؤيده ما تقدم في الجنائز: أنتم شهداء الله في الأرض....

وبهذا يظهر أن محبة الناس للعبد إنما تكون علامة على محبة الله له إن كان ملتمسا لرضا الله سبحانه بأداء فرائضه واجتناب محارمه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني