الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

سلوك طريقة الأنبياء خير سبيل في الإصلاح

السؤال

هل يجوز لعلاج سلبيات المجتمع أن ننشر هذه السلبيات على الملأ و نناقشها أم نبدأ أولا بنشر القيم الحميدة فى المجتمع و إبراز محاسن الأخلاق فى الدين الإسلامي عوضا عن فتح ملفات فساد بعض الشباب و الفتياتفقد انتشرت في الآونة الأخيرة أفلام سينمائية تعرض واقع بعض شباب الأمة من فساد و تعاط للمخدرات ومصاحبه الفتيات ... و يتم تجسيد ذلك بإظهار الفتيات السيئات فى الشاشة بحجه أنهم متواجدون أصلا فى الواقع فلم لا نظهرهم ؟ أنا شخصيا أعترض تماما على هذا لكني لا أملك السند و الحجة و البرهان حتى أناقش هؤلاء القوم، حيثث يعتقدون أنهم يصلحون الأمة و أن هدفهم عرض الواقع المتدني لبعض شباب الأمة بحجة إصلاحه .. و لكنى أعتقد أنهم يفضحون حال بعض الشباب الغافل و فى نفس الوقت يسترزقون من عرض حاله على الشاشة فالغاية لا تبرر الوسيلة ... هذا لو على أساس أن هدفهم فعلا الإصلاح و ليس جني الأموال من نشر الفضائح، قال تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ }النور19
و قال صلى الله عليه وآله وسلم: (من أذاع فاحشة كان كمبتدئها ومن عيّر مؤمناً بشيء لا يموت حتى يركبه)
فكيف يتم علاج مشاكل أمتنا و نقاشها مع عدم فضح أنفسنا أمام باقي الأمم في ظل وسائل الإعلام المنتشرة في كل مكان و زمان؟و كيف يتفق هذا مع قول النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من ستر أخاه المسلم في الدنيا ستره الله يوم القيامة"

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن أول ما يتعين على من رأى الفساد في المجتمع وأراد الإصلاح ممن لا سلطة له ولا سلطان يساعده إذا رفع إليه أمر العصاة هو إنكار المعصية على فاعلها، وترهيبه بنصوص الوحي من فعلها، والتركيز على تقوية الإيمان وإصلاح القلوب وإتقان الصلاة، والحرص على تقوية صلة النفوس بالله تعالى، والإكثار من الحديث عن الأسباب المعينة على خشية الله تعالى، والرغبة في ما عنده واستشعار مراقبته، والإكثار من الحديث عن الآخرة والقبر والجنة والنار، والترغيب في ذكرالله تعالى، وتعليم الأحكام الشرعية. فقد روى البخاري عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: إنما نزل أول ما نزل منه سورة من المفصل فيها ذكر الجنة والنار حتى إذا ثاب الناس إلى الإسلام نزل الحلال والحرام، ولو نزل أول شيء لا تشربوا الخمر لقالوا: لا ندع الخمر أبدا، ولو نزل لاتزنوا لقالوا: لا ندع الزنا أبدا .... وفي الصحيحين أنه صلى الله عليه وسلم قال: ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب. وقال تعالى: إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ {العنكبوت:45 }، وفي الحديث: وآمركم بذكر الله عزوجل كثيرا، وإن مثل ذلك كمثل رجل طلبه العدو سراعا في أثره فأتى حصنا حصينا فتحصن به، وإن العبد أحصن ما يكون من الشيطان إذا كان في ذكر الله عزوجل. رواه أحمد والترمذي والحاكم وصححه الألباني. وقد دل الحديث على أن العلم بأحوال القبور والآخرة يقمع الشهوات والأهواء وذلك حيث يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا، وما تلذذتم بالنساء على الفرش، ولخرجتم إلى الصعدات تجأرون إلى الله. رواه أحمد والترمذي وابن ماجة والحاكم وصححه الحاكم ووافقه الذهبي والألباني.

ومن الوسائل المهمة في تحصين الشباب حضهم على الصوم والبدار بالزواج، ففي الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قا ل: يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء.

وأما العلاج بعرض هذه السلبيات بالطريقة المذكورة فإنه لا يخلو من محاذير عدة منها: أنه ربما يسبب نشر هذه السلبيات تنبيه بعض مرضى القلوب لتلك المعاصي وسعيهم في العمل بها، ومنها: إظهار الفتيات الفاسدات مختلطات بالشباب وهو أمر لا يجوز نظره ولا عرضه كما نص عليه أهل العلم، وكما قدمناه في الفتاوى التالية أرقامها مع إحالاتها : 1886 / 1791 / 70735 ، فالواجب هو اعتماد طريقة الأنبياء في الإصلاح وهي التركيز على التوحيد والحض على العبادات والأخلاق، وإذا كان في مجتمعهم منكر شائع أنكروه على أممهم كما عمل لوط وشعيب عليهما الصلاة والسلام، حيث أنكرا اللواط والتطفيف لشيوعهما في المجتمع آنذاك.

وراجع في التمثيل الهادف الراعي للفضيلة والأخلاق والبعد عن الرذيلة، والسالم من محذورات نشر صور المتبرجات والاختلاط الفتاوى التالية أرقامها: 46733 / 3127 / 23422 .

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني