الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

النذر المعلق على حصول الزواج

السؤال

سؤالي هو: هل يجوز أن أنذر نذراً بأن يزوجني الله من شخص معين، وهل إذا تحقق النذر يحقق لي الله زواجي من هذا الشخص، وما هي شروط النذر؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فنقول للأخت السائلة عليك أن تتقي الله تعالى وتصبري وتتوكلي عليه، وتلتجئي إليه في أمورك كلها بكثرة الدعاء والاستغفار، فإن من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجاً، ومن كل ضيق مخرجا، ورزقه من حيث لا يحتسب. رواه أبو داود، ولتراجعي الفتوى رقم: 55356.

واعلمي أن النذر لا يقرب من ابن آدم شيئاً لم يقدره الله له، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن النذر لا يقرب من ابن آدم شيئاً لم يكن الله قدره له، ولكن النذر يوافق القدر فيخرج بذلك من البخيل ما لم يكن البخيل يريد أن يخرج. رواه مسلم.

ثم إن الإقدام على النذر غير مستحب، بل صرح بعض أهل العلم بكراهته، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 56564، ومع ذلك لو نذر أحد طاعة لله تعالى وجب عليه الوفاء بنذره، فإن كان النذر معلقاً على حصول نعمة أو دفع نقمة وجب الوفاء بالنذر عند حصول ما عليه، وعليه فإن إقدامك على هذا النذر جائز مع الكراهة.

وإذا نذرت لله تعالى فعل طاعة إن أنت حصلت على أمر معين مثل ما في السؤال وحصل ذلك الأمر وجب عليك الوفاء بالنذر، ولا يلزمك الوفاء به قبل حصول الأمر الذي علق النذر على حصوله، ولو أديت النذر قبل حصول الزواج مثلاً ثم حصل الزواج بعد ذلك فلا بد من الوفاء به مرة أخرى لأنه لم يجب قبل حصول الأمر المعلق عليه، كما سبق توضيحه في الفتوى رقم: 27991.

واعلمي أن الله تعالى قد يحقق رجاءك ولو لم تنذري نذراً، وقد يحققه بعد النذر، وقد لا يحصل ما ذكر لحكمة يعلمها الله تعالى. وعلى كل حال فإنه يجب على المسلم أن يرضى بأمر الله تعالى سواء أعطاه ما سأله أو منعه، ومع ذلك فعليه ألا ييأس ولا يمل من دعاء الله تعالى فإنه لا يخيبه أبداً ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم.

والنذر كما عرفه الفقهاء هو التزام المسلم المكلف قربة لله عز وجل غير واجبة أصلاً، ولا بد فيه من صيغة تفيد الالتزام، ومنه يعلم أن من شروط وجوب النذر أن يكون الناذر مسلماً مكلفاً، ومنها الصيغة أيضاً وهي النطق بالنذر، فلا يلزم بالنية، كما يشترط في لزومه أن يكون المنذور طاعة لله فلا يصح نذر المعصية لقوله صلى الله عليه وسلم كما في البخاري وغيره: من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصيه فلا يعصه. وأن يكون المنذور مملوكاً للناذر فلا يصح نذره ما لا يملك لقوله صلى الله عليه وسلم: ليس على العبد نذر فيما لا يملك. رواه الترمذي.

وأن يكون غير واجب فلا يصح نذر الواجب، فمثلاً لا يصح أن يقول أحد إن أعطاني الله كذا فسأصلي الظهر لأن هذا من تحصيل الحاصل؛ لأن صلاة الظهر واجبة دون النذر. وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 1125.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني