الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم من لبس الخف في الإحرام للضرورة

السؤال

أنا رجل من الله علي بالحج العام والسؤال أنا رجل مبتورة قدمي اليسرى وأستعين للمشي بطرف صناعي وأرتدي الخف ومع العلم القدم الأخرى فيها جرح أيضا لا أستطيع المشي عليها من غير لبس خف فيها فهل يجوز لبس الخف أثناء الإحرام ؟
وإذا ارتديته هل يجب علي الهدى أم لا لوجود مخيط؟
وما هي النسك التي ممكن أوكل أحدا بها عني ؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فنسأل الله تعالى أن يتقبل منك الحج، وأن يجعله حجا مبرورا وسعيا مشكورا.

وأما بخصوص ما سألت عنه من لبس الخف في الرجل المبتورة فلا شيء عليك لعدم وجود القدم أصلا، وأما لبسه في الرجل الأخرى لعدم القدرة على لبس النعل بسبب الجرح الذي فيها فلا شيء عليك؛ لأن الشارع قد رخص في لبس الخفين عند عدم وجود النعلين حماية للرجل عن النجاسة، ولم يوجب في ذلك الفدية، مع أنه أوجبها عند حلق الرأس من أجل المرض، مما يدل على أن لبس الخف عند الحاجة إليه مخفف فيه

وقد سئل الشيخ ابن حجر الهيتمي -رحمه الله تعالى- عن شد الذكر من أجل السلس هل فيه فدية أم لا؟ فأجاب بقوله: لا فدية عليه بالشد المذكور لأمور:

منها قولهم: كل محظور في الإحرام أبيح للحاجة فيه الفدية؛ إلا نحو السراويل والخفين لأن ستر العورة ووقاية الرجل من النجاسة مأمور بهما لمصلحة الصلاة وغيرها فخفف فيها.اهـ

ومنها قولي في حاشية الإيضاح: لو لبس عمامة لضرورة واحتاج لكشف كل رأسه للغسل من الحدث الأكبر أو لبعضه لنحو مسحه في الوضوء، فالذي يظهر أن الفدية لا تتعدد بذلك وإن اختلف الزمان والمكان أخذا من قولهم: لو فقد الإزار جاز له لبس السراويل ولا دم عليه، ووجهوه بأن الأصل في مباشرة الجائز نفي الضمان. وأيضا فإيجاب الكشف عليه يصيره مكرها عليه شرعا، وقد صرحوا بأن الإكراه الشرعي كالإكراه الحسي، فكما أنه لو أكره هنا حسا على الكشف لا يتعدد كما هو ظاهر، فكذا إذا أكره عليه شرعا. فإن قلت: قد جوزوا له اللبس لنحو حر ومرض مع الدم، قلت: ذاك فيه ترفه وحظ للنفس، وهذا ليس فيه شيء منهما، وإنما هو لأجل تحصيل الواجب المتوقف عليه صحة عبادته، فهو بستر العورة بالسراويل أشبه. اهـ

وقال الإمام ابن قدامة رحمه الله: وإن وجد نعلا لم يمكنه لبسها، فله لبس الخف، ولا فدية عليه؛ لأن ما لا يمكن استعماله كالمعدوم، كما لو كانت النعل لغيره، أو صغيرة، وكالماء في التيمم، والرقبة التي لا يمكنه عتقها، ولأن العجز عن لبسها قام مقام العدم، في إباحة لبس الخف، فكذلك في إسقاط الفدية . والمنصوص- عن أحمد- أن عليه الفدية، لقوله: من لم يجد نعلين، فليلبس الخفين. وهذا واجد.

وأما النسك الذي يمكن أن توكل فيه عند العجز فهو رمي الجمار فقط.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني