الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف تكون المرأة داعية إلى الله؟

السؤال

رجاء دلوني على طريقة أنفع بها الإسلام وأؤدي حقه علي، لأن الشعور بالعجز كاد يقتلني، رجاء لا أريد كلاما عاما أريد طرقا عملية، أفيدوني أفادكم الله، أنا طالبة جامعية -هندسة حاسوب المستوى الرابع- متزوجة وعندي ابن واحد عمره عام و3 أشهر، أعيش في فلسطين مستوى معيشتي المادي الحمد الله ولا يؤرقني إلا شعوري بالعجز أمام قضايا الإسلام والمسلمين؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن العمل للدين مسؤولية كل مسلم بحسب قدرته، ومن يتولى عن واجب العمل للإسلام فإن الله يستبدله بغيره، قال تعالى: وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ {محمد:38}، هذا وإن مجالات العمل لهذا الدين عديدة ومتنوعة، لكن من أعظمها هو استقامتك في خاصة نفسك، فتتجنبين جميع ما حرم الله تعالى عليك وتتنزهين عن المكروهات وخوارم المروءات، وتؤدين المأمورات وتسعين في أداء المستحبات والآداب ومحاسن العادات، فإن المستقيم على أمر الله في زمن غربة الدين هو خير داعية إلى الاستقامة وإن لم يتكلم، قال الإمام الشافعي: من وعظ أخاه بفعله كان هادياً.

ومن مجالات خدمة الدين التي تستطيعين أداءها أن تحسني التبعل لزوجك وتؤدي الواجب عليك نحوه، وإن كان من الدعاة العاملين كنت معينة له ومؤيدة ومناصرة، كما كانت أمنا خديجة رضي الله عنها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن تأمين البيئة الداخلية للداعية من أهم عوامل نجاحه، روى ابن عساكر في تاريخ دمشق بإسناده عن أسماء بنت يزيد الأنصارية من بني عبد الأشهل أنها: أتت النبي صلى الله عليه وسلم وهو بين أصحابه فقالت بأبي أنت وأمي يا رسول الله أنا وافدة النساء إليك وأعلم -نفسي لك الفداء- أنه ما من امرأة كانت في شرق ولا غرب سمعت بمخرجي هذا أو لم تسمع إلا وهي على مثل رأيي، إن الله بعثك إلى الرجال والنساء كافة فآمنا بك وبإلهك، وإنا معشر النساء محصورات مقصورات قواعد بيوتكم ومقضى شهواتكم وحاملات أولادكم وإنكم معاشر الرجال فضلتم علينا بالجمع والجماعات وعيادة المرضى وشهود الجنائز والحج بعد الحج وأفضل من ذلك الجهاد في سبيل الله، وإن الرجل منكم إذا خرج حاجاً أو معتمراً أو مرابطاً حفظنا لكم أموالكم وغزلنا لكم أثوابكم وربينا لكم أولادكم أفما نشارككم في هذا الخير يا رسول الله؟ فالتفت النبي صلى الله عليه وسلم إلى أصحابه بوجهه كله ثم قال: سمعتم مقالة امرأة قط أحسن من مساءلتها عن أمر دينها من هذه؟ قالوا: يا رسول الله ما ظننا أن امرأة تهتدي إلى مثل هذا، فالتفت النبي صلى الله عليه وسلم إليها ثم قال: انصرفي أيتها المرأة وأعلمي من ورائك من النساء أن حسن تبعل إحداكن لزوجها وطلبها مرضاته واتباعها موافقته يعدل ذلك كله.

وكذلك اجتهدي في تربية ابنك الصغير تربية إسلامية، وهيئي له المحضن التربوي الذي ينشأ فيه على حب الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، والاستسلام لله والانقياد لشرعه والاستقامة على دينه، ليكون لبنة صالحة في بناء المجتمع وتكونين بذلك قد جهزت جندياً من جنود الله تعالى لنصرة هذا الدين وإعلاء كلمة الله تعالى، وعسى أن تدخلي في قول النبي صلى الله عليه وسلم: من جهز غازياً في سبيل الله فقد غزا، ومن خلف غازياً في سبيل الله بخير فقد غزا. رواه البخاري ومسلم.

ثم بإمكانك أن تنشطي في الدعوة بين صفوف النساء، بأن تجتمعي بهن في بيتك أو في المسجد يوماً أو أكثر أسبوعياً وتؤدين لهن موعظة ترقق قلوبهن أو تفسرين لهن بعض آيات من القرآن أو تبينين لهن بعض الأحكام الفقهية وخاصة الأحكام المتعلقة بالنساء أو أن تخصصي درساً دورياً في سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم، هذا إذا كنت مؤهلة لذلك، وإلا فإن بإمكانك أن تطلبي مشاركة إحدى طالبات العلم، فتقوم هي بتقديم الدروس وتكتفين أنت بجمع النساء وتهيئة المكان لهن.

كما أن بإمكانك استخدام الحاسوب في طباعة بعض النشرات التي فيها بيان بعض فضائل الأعمال أو التحذير من بعض المنكرات، ثم توزيع هذه النشرات على زميلات الدراسة أو الجارات ونحوهن، وبإمكانك في إعداد هذه النشرات الاستفادة من كتاب (رياض الصالحين) للإمام النووي، و(مختصر منهاج القاصدين) لابن قدامة.

وكذلك يمكنك تكوين مكتبة سمعية من الأشرطة الإسلامية النافعة، وتكون استفادة النساء منها بنظام الاستعارة، هذا وننبهك إلى أمور منها:

1- ينبغي أن تبدئي بدعوة والديك وذوات رحمك وقرابتك وجاراتك، فإنهن أحق الناس عليك.

2- احرصي على التعاون في أمور الدعوة إلى الله مع الأخوات الفضليات الصالحات فإن ذلك أدعى للاستمرار والنجاح في العمل.

3- ينبغي أن لا يشغلك دعوة الناس والحرص على إصلاحهم عن اجتهادك في تزكية نفسك وطلب العلم النافع الواجب عليك والذي هو مادة الدعوة الأصلية، وانظري برنامجاً عملياً في طلب العلم للمبتدئين في الفتوى رقم: 59868، الفتوى رقم: 59729.

وللاستزادة في هذا الموضوع استمعي للأشرطة التالية:

1- محاضرة بعنوان (ما الهم الذي تحمله؟) للدكتور/ ناصر بن سليمان العمر.

2- محاضرة بعنوان (من يحمل هم الإسلام) للشيخ/ سلمان بن فهد العودة.

3- محاضرة بعنوان (العمل للدين مسؤولية الجميع) للشيخ عبد الوهاب الطريري.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني