الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الحب في الله

الحب في الله

الحب في الله

الحب في الله يحقق مبدأ الترابط الجماعي الخالص بين المؤمنين وهو الترابط النقي من شوائب المصالح الشخصية والأهواء النفسية والشهوات المادية، إذ هو حب خالص لوجهه، و له منزلة ومكانة عالية تتبين من خلال ما يلي.

أن الحب في الله دليل حلاوة الإيمان لما روى أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم قال: ( من سره أن يجد حلاوة الإيمان فليحب المرء لا يحبه إلا لله عز و جل ) رواه أحمد .
وبه يكون المرء في ظل الرحمن يوم القيامة لما رواه أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله... وذكر منها: ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه، وتفرقا عليه ) رواه البخاري ومسلم.
فهي محبة حقيقية لا يقطعها شيء من أمور الدنيا، فهي باقية إلى أن يفرق بينهما الموت، ولولا أنها محبة خالصة لله تعالى ما كتب لها البقاء والدوام.
كما أن المحب في الله يحبه الله تعالى كما في حديث أبي الدرداء رضي الله عنه قال : ( ما من رجلين تحابا في الله بظهر الغيب إلا كان أحبهما إلى الله أشدهما حبا لصاحبه ) رواه الطبراني في الكبير وصححه الالباني.
وفي الحديث القدسي : قَالَ اللَّهُ تباركَ وَتعالى : ( وجبت محبَّتي للمتحابِّين فيَّ والمُتجالسين فِيَّ والْمتزاورين فيَّ والْمتباذلِين فيَّ ) رواه مالك في الموطأ.
والحب الخالص في الله من كمال الايمان كما في حديث أبي أمامة رضي الله عنه عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( من أحبَّ لله وأبغض لِلّه وأعطى للَّه ومنع لِلَّه فقد استكمل الإِيمان ) رواه أبو داود.
وهذا فيه أن كل حركات القلب والجوارح إذا كانت كلها لله، فقد كمل إيمان العبد بذلك باطنا وظاهرا، ويلزم من صلاح حركات القلب صلاح حركات الجوارح، فإذا كان القلب صالحا ليس فيه إلا إرادة الله وإرادة ما يريده لم تنبعث الجوارح إلا فيما يريده الله، فسارعت إلى ما فيه رضاه وكفَّت عما يكرهه.

ويتقوى هذا الحب ويزداد بأمور منها:
ـ الهدية ولها أثرٌ بالغ في تحقيق السعادة ودوام المحبة والألفة، فإنها تُذهِب السخيمة، وتزيل البغضاء، ومهما كانت الهدية بسيطة ويسيرة فإن لها من الآثار النفسية ما يصعب حصره وتعدد مزاياها، وفي الحديث توجيه إلى تبادل الهدايا لتقوية المحبة في الله، فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( تهادوا تحابوا ) رواه البخاري في الأدب المفرد.
وقال الشاعر:
إن الهديةَ حُلْـــــوَةٌ... كالسحرِ تجتلبُ القلوبا
تدني البعيد من الهوى ... حتى تُصَيِّرَهُ قريبا

ـ ويتقوى بإفشاء السلام كما في حديث أبى هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ( لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم، أفشوا السلام بينكم ) رواه مسلم.
فالسلام أوَّل أسباب التَّآلف، ومفتاح اِستجلاب المَودة، وفِي إِفشائه تمكَّنُ ألفَة الْمسلمين بعضهم لبعض، وإِظهار شِعارهمْ الْمميِّز لَهم من غيرهم من أهل الْملل.
ـ ويتقوى بإخباره بالحب في الله، لما روى أبو ذر رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ( إذا أحب أحدكم صاحبه فليأته في منزله فليخبره أنه يحبه لله عز و جل ) رواه أحمد.
وورد أن إعلام المسلم أخاه بأنه يحبه في الله سبب في الألفة والمحبة ما رواه علي بن الحسين مرفوعا: ( إذا أحب أحدكم أخاه في الله فليبين له، فإنه خير في الألفة و أبقى في المودة ) رواه وكيع في الزهد، قال المناوي رحمه الله: وهذا أبقى للألفة وأثبت للمودة، وبه يتزايد الحب ويتضاعف، وتجتمع الكلمة وينتظم الشمل بين المسلمين، وتزول المفاسد والضغائن، وهذا من محاسن الشريعة.
هذه بعض أسباب تقوية المحبة في الله، وكلما كان الحب في الله خالصا لله، كلما قوي واستمر بهذه الأسباب.

مواد ذات الصله

المقالات

المكتبة



الأكثر مشاهدة اليوم

مقاصد السنة النبوية

الاستقامة والنهي عن الغلو من خلال أحاديث السنة النبوية

الرغبة بالخير وحدها لا تكفي لوصول العبد إلى مراد الله تعالى، بل المطلوب شرعا هو الاستقامة دون طغيان، كما ورد ذلك...المزيد