الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  1231 52 - حدثنا علي بن عبد الله ، قال : حدثنا سفيان ، قال : حدثنا ابن المنكدر قال : سمعت جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال : جيء بأبي يوم أحد قد مثل به حتى وضع بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد سجي ثوبا ، فذهبت أريد أن أكشف عنه فنهاني قومي ، ثم ذهبت أكشف عنه فنهاني قومي ، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فرفع فسمع صوت صائحة فقال : من هذه ؟ فقالوا : ابنة عمرو أو أخت عمرو قال : فلم تبكي أو لا تبكي ، فما زالت الملائكة تظله بأجنحتها حتى رفع .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  لما كان حديث هذا الباب المجرد على تقدير وجود الباب داخلا في الباب الذي قبله المترجم بما يكره من النياحة على الميت طابق ذكره هاهنا لدخوله في ترجمة ذلك الباب ، فإن قوله صلى الله عليه وسلم : " من هذه " لما سمع صوت صائحة إنكار في نفس الأمر وإن لم يصرح به ، وقد ذكر هذا الحديث في أوائل باب الجنازة في باب الدخول على الميت أخرجه عن محمد بن بشار ، عن غندر ، عن شعبة ، عن محمد بن المنكدر قال : سمعت جابر بن عبد الله إلى آخره ، وهنا أخرجه عن علي بن عبد الله بن المديني ، عن سفيان بن عيينة ، عن محمد بن المنكدر قال : سمعت جابرا .

                                                                                                                                                                                  قوله : " قد مثل به " جملة وقعت حالا ، ومثل بضم الميم وتشديد الثاء المثلثة من التمثيل يقال : مثل بالقتيل إذا جدع أنفه وأذنه أو مذاكيره أو شيء من أطرافه ، والاسم المثلة بضم الميم وسكون الثاء ، ويجوز مثل بتخفيف الثاء يقال : مثلت بالحيوان أمثله به مثلا قال ابن الأثير : وأما مثل بالتشديد فهو للمبالغة .

                                                                                                                                                                                  قوله : " وقد سجي " أي : غطي من سجى يسجي تسجية وانتصاب ثوبا بنزع الخافض أي : بثوب . قوله : " أريد " حال من الضمير الذي في " ذهبت " وأن مصدرية . قوله : " أكشف عنه " حال . قوله : " فرفع " على صيغة المجهول . قوله : " صائحة " أي : امرأة صائحة . قوله : " بنت عمرو " هي عمة المقتول واسمها فاطمة بنت عمرو وعمرو جد جابر ; لأنه ابن عبد الله بن عمرو بن حرام ضد حلال ، وقد صرح في باب الدخول على الميت بقوله : " فجعلت عمتي فاطمة تبكي " ووقع في ( الإكليل ) للحاكم أنها هند بنت عمرو ، وقال بعضهم : لعل لها اسمين أو أحدهما اسمها والآخر لقبها . قلت : لا يلقب بالأسماء الموضوعة للمسميات ، فإن صح ما في الإكليل فيحمل على أنهما كانتا أختين وهما عمتا جابر ، إحداهما تسمى فاطمة والأخرى تسمى هندا . قوله : " أو أخت عمرو " شك من الراوي ، فإن كانت بنت عمرو تكون أخت المقتول عمة جابر ، وإن كانت أخت عمرو تكون عمة المقتول وهو عبد الله . قوله : " فلم تبكي " بكسر اللام وفتح الميم استفهام عن الغائبة . قوله : " أو لا تبكي " شك من الراوي وليس باستفهام بل هو نهي الغائبة ، وحاصل المعنى تبكي [ ص: 87 ] هذه المرأة عليه أو لا تبكي ، فإن الملائكة قد أظلته بأجنحتها فلا ينبغي البكاء لأجله لحصول هذه المنزلة ، بل ينبغي أن يفرح بذلك .



                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية