الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                7310 ص: واحتجوا في ذلك بما حدثني به غير واحد من أصحابنا، منهم: علي بن سعيد بن بشير ، عن أبي همام الوليد بن شجاع السكوني، قال: ثنا أبي ، قال: ثنا أبو خيثمة ، قال: ثنا الحسن بن حر، قال: حدثني عيسى بن عبد الله بن مالك ، عن محمد بن عمرو بن عطاء، حدثني مالك ، عن عباس -أو عياش- بن سهل الساعدي - رضي الله عنه - وكان في مجلس فيه أبوه، وكان من أصحاب رسول الله -عليه السلام-، وفي المجلس أبو هريرة، ، وأبو أسيد، ، وأبو حميد الساعدي ، والأنصار: " ، أنهم تذاكروا الصلاة، فقال أبو حميد: : أنا أعلمكم بصلاة رسول الله -عليه السلام-، اتبعت ذلك من رسول الله -عليه السلام-، قالوا: فأرنا، فقام يصلي وهم ينظرون فكبر ورفع [ ص: 477 ] يديه في أول التكبير ...." ثم ذكر حديثا طويلا ذكر فيه أنه لما رفع رأسه من السجدة الثانية من الركعة الأولى قام ولم يتورك. .

                                                فلما جاء هذا الحديث على ما ذكرنا، وخالف الحديث الأول احتمل أن يكون ما فعله رسول الله -عليه السلام- في الحديث الأول لعلة كانت به فقعد من أجلها، لا لأن ذلك من سنة الصلاة كما قد كان ابن عمر - رضي الله عنهما - يتربع في الصلاة، فلما سئل عن ذلك قال: إن رجلي لا تحملني فكذلك يحتمل أن يكون ما فعله رسول الله -عليه السلام- من ذلك القعود كان لعلة أصابته حتى لا يضاد ذلك ما روي عنه في الحديث الآخر ولا يخالفه، وهذا أولى بنا من حمل ما روي عنه على التضاد والتنافي، وفي حديث أبي حميد أيضا: فيه حكاية أبي حميد ما حكى بحضرة جماعة من أصحاب رسول الله -عليه السلام- فلم ينكر ذلك عليه أحد منهم، فدل ذلك أن ما عندهم في ذلك غير مخالف لما حكاه لهم.

                                                وفي حديث مالك بن الحويرث من كلام أيوب أن ما كان عمرو بن سلمة يفعل من ذلك لم يكن يرى الناس يفعلونه، وهو فقد رأي جماعة من أجلة التابعين، فذلك حجة في دفع ما روي عن أبي قلابة، عن مالك أن يكون سنة.

                                                التالي السابق


                                                ش: أي احتج هؤلاء الآخرون فيما ذهبوا إليه بحديث عباس بن سهل الساعدي .

                                                أخرجه عن جماعة منهم: علي بن سعيد بن بشر بن مهران الرازي نزيل مصر، عن أبي همام الوليد بن شجاع اليشكري الكندي شيخ مسلم وأبي داود والترمذي وابن ماجه، أبيه أبي بدر شجاع بن الوليد ، عن أبي خيثمة زهير بن معاوية بن حديج ، عن الحسن بن حر بن الحكم النخعي الكوفي ، عن عيسى بن عبد الله بن مالك الدار مولى عمر بن الخطاب ، عن محمد بن عمرو بن عطاء بن عياش بن علقمة المدني ، عن عباس -بالباء الموحدة والسين المهملة، أو عياش بالياء آخر الحروف والشين المعجمة- بن سهل الساعدي المدني، وأبوه سهل بن سعد الساعدي الصحابي.

                                                [ ص: 478 ] وهؤلاء كلهم ثقات.

                                                وأخرجه أبو داود: بهذا الإسناد، ثنا علي بن الحسين بن إبراهيم، نا أبو بدر، نا زهير أبو خيثمة، نا الحسن بن حر، قال: حدثني عيسى بن عبد الله بن مالك ، عن محمد بن عمرو بن عطاء، حدثني مالك ، عن عباس -أو عياش- بن سهل الساعدي: "أنه كان في مجلس فيه أبوه وكان من أصحاب رسول الله -عليه السلام-، وفي المجلس أبو هريرة وأبو أسيد وأبو حميد الساعدي.." بهذا الخبر يزيد وينقص، قال فيه: "ثم رفع رأسه -يعني من الركوع- فقال: سمع الله لمن حمده، اللهم ربنا لك الحمد، ورفع يديه، ثم قال: الله أكبر، فسجد فانتصب على كفيه وركبتيه وصدور قدميه وهو ساجد، ثم كبر فجلس فتورك ونصب قدمه الأخرى، ثم كبر فسجد، ثم كبر فقام ولم يتورك...." ثم ساق الحديث، قال: "جلس بعد الركعتين حتى إذا هو أراد أن ينهض للقيام قام بتكبيرة، ثم ركع ركعتين أخريين...." ولم يذكر التورك في التشهد.

                                                وأخرجه أبو داود أيضا من طرق أخرى بوجوه مختلفة، وكذلك الترمذي والنسائي وابن ماجه، وقد استوفينا الكلام فيه في هذا الحديث بوجوهه المختلفة في كتاب الصلاة، فالطحاوي أخرجه هناك بطرق أخرى.

                                                قوله: "أبو أسيد" بضم الهمزة وفتح السين، اسمه مالك بن ربيعة الساعدي .

                                                و"أبو حميد" بضم الحاء وفتح الميم، الساعدي، قيل: اسمه عبد الرحمن، وقيل: المنذر بن سعد .

                                                قوله: "فلما جاء هذا الحديث على ما ذكرنا وخالف الحديث الأول...إلى آخره" إشارة إلى بيان وجه التوفيق بين الحديثين وبين ذلك بوجهين:

                                                الأول: هو قوله: احتمل أن يكون ما فعله رسول الله -عليه السلام-.

                                                [ ص: 479 ] والثاني: هو قوله: وفي حديث أبي حميد أيضا...إلى آخره، وكل ذلك ظاهر.




                                                الخدمات العلمية