الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
27807 10793 - (25841) - (6\219 - 220) عن يزيد بن بابنوس، قال ذهبت أنا وصاحب لي إلى عائشة فاستأذنا عليها، فألقت لنا وسادة، وجذبت إليها الحجاب، فقال صاحبي يا أم المؤمنين ما تقولين في العراك؟ قالت: [ ص: 377 ] وما العراك، وضربت منكب صاحبي، فقالت: مه آذيت أخاك؟ ثم قالت: ما العراك: المحيض، قولوا: ما قال الله: المحيض، ثم قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم " يتوشحني، وينال من رأسي، وبيني وبينه ثوب، وأنا حائض " ثم قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا مر ببابي مما يلقي الكلمة ينفع الله عز وجل بها، فمر ذات يوم فلم يقل شيئا، ثم مر أيضا فلم يقل شيئا - مرتين أو ثلاثا - قلت: يا جارية ضعي لي وسادة على الباب، وعصبت رأسي فمر بي، فقال: يا عائشة ما شأنك؟ فقلت: " أشتكي رأسي فقال: " أنا وارأساه "، فذهب فلم يلبث إلا يسيرا حتى جيء به محمولا في كساء، فدخل علي، وبعث إلى النساء، فقال: إني قد اشتكيت، وإني لا أستطيع أن أدور بينكن، فائذن لي فلأكن عند عائشة فكنت أوضئه، ولم أكن أوضئ أحدا قبله، فبينما رأسه ذات يوم على منكبي إذ مال رأسه نحو رأسي، فظننت أنه يريد من رأسي حاجة، فخرجت من فيه نطفة باردة، فوقعت على ثغرة نحري، فاقشعر لها جلدي، فظننت أنه غشي عليه فسجيته ثوبا، فجاء عمر والمغيرة بن شعبة فاستأذنا، فأذنت لهما، وجذبت إلي الحجاب، فنظر عمر إليه، فقال: واغشياه ما أشد غشي رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قاما، فلما دنوا من الباب قال المغيرة: يا عمر مات رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: كذبت بل أنت رجل تحوسك فتنة إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يموت حتى يفني الله عز وجل المنافقين، ثم جاء أبو بكر فرفعت الحجاب فنظر إليه، فقال: إنا لله وإنا إليه راجعون، مات رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم أتاه من قبل رأسه فحدر فاه، وقبل جبهته، ثم قال: وانبياه ثم رفع رأسه ثم حدر فاه وقبل جبهته، ثم قال: واصفياه ثم رفع رأسه وحدر فاه وقبل، وقال: واخليلاه مات رسول الله صلى الله عليه وسلم، فخرج إلى المسجد وعمر يخطب الناس ويتكلم، ويقول إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يموت حتى يفني الله عز وجل المنافقين، فتكلم أبو بكر فحمد الله، وأثنى عليه، ثم قال: إن الله عز وجل يقول: إنك ميت وإنهم ميتون [الزمر: 30] حتى فرغ من الآية وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل، أفإن مات أو قتل، انقلبتم على أعقابكم [ ص: 378 ] [آل عمران: 144] حتى فرغ من الآية، فمن كان يعبد الله عز وجل فإن الله حي، ومن كان يعبد محمدا، فإن محمدا قد مات، فقال عمر: أوإنها لفي كتاب الله ما شعرت أنها في كتاب الله، ثم قال عمر: يا أيها الناس هذا أبو بكر وهو ذو شيبة المسلمين فبايعوه فبايعوه".

التالي السابق


* قوله: "وضربت منكب صاحبي": بصيغة المتكلم؛ أي: أنا ضربت منكبه.

* "مما يلقي الكلمة": كلمة "مما" زائدة، أو "ما" بمعنى "من" وهذا هو جواب "إذا".

* "فلأكون": - الفاء زائدة - أي: لأكون عند عائشة.

* "على ثغرة نحري": - بضم فسكون - : نقرة النحر فوق الصدر.

* "تحوسك فتنة": - بالحاء والسين المهملتين - أي: تخالطك وتحثك على ركوبها.

* * *




الخدمات العلمية