الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
كتاب الدور ( قال الشيخ الإمام الأجل الزاهد شمس الأئمة وفخر الإسلام أبو بكر محمد بن أبي سهل السرخسي رحمه الله ) إملاء في كتاب الدور .

قال : وإذا جرح العبد رجلا فعفا عنه المجروح في صحته ، أو في مرضه ، ثم مات من ذلك المرض ولم يترك مالا فإن كانت الجراحة عمدا فالعفو صحيح من غير أن يعتبر من الثلث لأن الواجب هو القصاص والقصاص ليس بمال وإسقاط المريض حقه فيما ليس بمال لا يكون معتبرا من الثلث ، وهذا استحسان قد بيناه في الديات ، وإن كانت الجراحة خطأ فإن لم يكن صاحب فراش حين عفا جاز العفو في الكل أيضا لأنه في حكم الصحيح ما لم يصر صاحب فراش في التصرفات والتبرعات ، وهذا تصرف بعده في الحال فإنما يعتبر حاله حين نفذ التصرف ، وإن كان صاحب فراش حين عفا جاز العفو من ثلثه لأن الواجب في الجناية الخطأ الدفع ، أو الفداء فعفوه يكون إسقاطا بطريق التبرع ، وذلك معتبر من الثلث إذا باشره في مرضه وبعد ما صار صاحب فراش فهو في حكم المريض فيكون عفوه من الثلث ، ثم المسألة على ثلاثة أوجه إما أن تكون قيمة العبد مثل الدية عشرة آلاف ، أو أقل من الدية ، أو أكثر من الدية .

فإن كانت قيمته مثل الدية فالعفو صحيح في ثلثه ويخير بين أن يدفع ثلثه وبين أن يفديه بثلثي الدية ولا يقع الدور هنا سواء اختار الدفع ، أو الفداء ، وإن كانت قيمته أقل من عشرة آلاف لم يقع الدور عند اختيار الدفع ويقع الدور عند اختيار الفداء لأن وقوع الدور بزيادة مال الميت ، وإنما يحسب مال الميت في الابتداء ما هو الأقل لأن مولى العبد الجاني يتخلص بدفع الأقل فإنما يتبين بذلك القدر أنه مال الميت ، وما زاد عليه إنما يظهر باختياره الدفع . فإذا كانت قيمته أقل من عشرة آلاف درهم فظهور الزيادة عند اختياره الفداء لا عند اختياره الدفع ، وإن كانت قيمته أكثر من عشرة آلاف فظهور الزيادة عند اختيار الدفع لا عند اختيار الفداء ، ثم جملة هذا النوع من المسائل أن قيمة العبد إما أن تكون ألفا أو ألفين [ ص: 92 ] أو ثلاثة آلاف ، أو أربعة آلاف أو خمسة آلاف ، أو ستة آلاف ، أو سبعة آلاف ، أو ثمانية آلاف ، أو تسعة آلاف أو عشرة آلاف ، أو خمسة عشرة ألفا ، أو عشرين ألفا أو ثلاثين ألفا ، أو أربعين ألفا ، أو خمسين ألفا أو مائة ألف ، وفي الأصل إنما بدأ بما كانت قيمته خمسة آلاف ، وفي المختصر ذكر بعض المسائل ولم يذكر البعض والأولى أن نخرج جميع هذه المسائل على الترتيب ليكون أوضح في البيان وأقرب إلى الفهم فنقول أما إذا كانت قيمته ألف درهم فإن اختار الدفع لا تدور المسألة ، ولكنه يدفع ثلثي العبد ويجوز العفو في الثلث فإن اختار الفداء فإنه يقع الدور هنا لأنه يتعذر تصحيح العفو في جميع العبد فإنه لا يجب شيء من الدية عند ذلك ، ولا يظهر للميت مال آخر فتبين أنا صححنا تبرعه في جميع ماله ، وذلك لا يجوز ، ولا يمكن إبطال العفو في جميعه لأنه حينئذ يفديه بعشرة آلاف درهم فتبين أن للميت عشرة آلاف ، وأن العبد خارج من الثلث وزيادة فعرفنا أنه يجب تصحيح العفو في بعضه ، ثم طريق معرفة ذلك البعض ما أشار إليه محمد رحمه الله في الأصل أنه لو كان معنا مال آخر ضعف قيمة العبد لكان يصح العفو في الكل لأن مال الميت هو أقل ، وذلك ألف درهم قيمة العبد .

فإذا جاز العفو في الكل وسلم للورثة ألف درهم استقام الثلث والثلثان ، ولا معتبر بالدية هنا لأنها لا تجب عند صحة العفو فإنما وجب الاعتراض على هذا العفو لأنا عدمنا ألفي درهم فالسبيل أن يضم ذلك القدر إلى الدية وهو عشرة آلاف درهم ، ثم ينظر إلى المضموم كما هو من الجملة فيبطل العفو بقدر ذلك المضموم . وإذا ضممت إلى عشرة آلاف ألفي درهم كان اثنا عشر ألفا وكان المضموم من هذه الجملة السدس فعرفنا أن العفو يصح في خمسة أسداس العبد مقدار ذلك ثمانمائة وثلاثة وثلاثون وثلث ويبطل في السدس فيفديه بسدس الدية ، وذلك ألف وستمائة وستة وستون وثلثان فيحصل للورثة هذا القدر ، وما نفذنا فيه العفو مثل نصفه فيستقيم الثلث والثلثان وطريق الدينار والدرهم فيه أن تجعل العبد دينارا ، أو درهما وتجبر العفو في الدينار وتبطله في الدرهم فيفديه بعشرة أمثاله لأن الدية عشرة أمثال قيمة العبد فكل جزء بطل فيه العفو فداه بعشرة أمثاله فيصير في يد الوارث عشرة دراهم وحاجتهم إلى دينارين فاقلب الفضة فيكون كل دينار بمعنى عشرة وكل درهم بمعنى اثنين ، ثم عد إلى الأصل فقل قد جعلنا العبد دينارا ودرهما الدينار عشرة والدرهم اثنان فذلك اثنا عشر ، وقد نفذنا العفو في الدينار ، وذلك خمسة أسداس العبد .

أو نقول لما كان عشرة دراهم تعدل دينارين عرفنا أن كل دينار يعدل خمسة فتقلب الفضة وتجعل [ ص: 93 ] الدينار بمعنى خمسة والدرهم بمعنى واحد ، ثم تعود إلى الأصل فتقول قد كان العبد دينارا ودرهما فالدينار بمعنى خمسة والدرهم بمعنى واحد ، ثم صححنا العفو في الدينار ، وذلك خمسة أسداس العبد وبطل في السدس فيفديه بسدس الدية والتخريج كما بينا وعلى طريق الجبر نقول السبيل أن تأخذ مالا مجهولا يصح العفو في شيء منه ويبطل في مال إلا شيء فتفديه بعشرة أمثاله وهو عشرة أموال إلا عشرة أشياء وحاجة الورثة إلى شيئين فالسبيل أن تجبر عشرة أموال بعشرة أشياء وتزيد على ما يعدله مثل ذلك فصار عشرة أموال تعدل اثنا عشر شيئا فالمال الواحد يعدل شيئا وخمس شيء فقد انكسر بالأخماس فتضرب شيئا وخمس شيء في خمسة فيكون سبعة ، وقد نفذنا العفو في شيء فضربنا كل شيء في خمسة فتبين أنا نفذنا العفو في خمسة أسداس العبد وأبطلناه في السدس فنفديه بسدس الدية كما بينا وعلى طريق الخطأين السبيل أن تجعل على العبد ثلاثة أسهم فتجبر العفو في سهم وتبطله في سهمين فتفدي هذين السهمين بعشرة أمثالهما ، وذلك عشرون وحاجة الورثة إلى سهمين فظهر الخطأ بزيادة ثمانية عشر فتعود إلى الأصل وتجبر العفو في سهمين وتبطله في سهم فيفديه بعشرة أمثاله فيحصل في يد الورثة عشرة وحاجتهم إلى أربعة فظهر الخطأ بزيادة ستة وكان الخطأ الأول بزيادة ثمانية عشر فلما زدنا سهما في العفو ذهب خطأ اثني عشر فعرفنا أن الذي يذهب ما بقي من الخطأ ، وذلك ستة ونصف سهم فنجوز العفو في سهمين ونصف ونبطله في نصف سهم ، ثم نفدي ذلك بعشرة أمثاله ، وذلك خمسة أسهم ونسلم للورثة خمسة ، وقد نفذنا العفو في سهمين ونصف فيستقيم وسهمان ونصف من ثلاثة تكون خمسة أسداس فظهر أن العفو إنما يصح في خمسة أسداس العبد . وإذا عرفنا طريق الخطأين تيسر طريق الجامعين على ذلك ، وقد بينا في وجه تخريجه فيما تقدم من كتب الحساب فإن أعتقه مولاه ، أو باعه وهو يعلم فهو مختار للفداء لأنه فوت الدفع بتصرفه وعليه سدس الدية بمنزلة ما لو اختار الفداء ، وإن لم يعلمهما بالجناية كان مستهلكا للعبد فعليه ثلثا القيمة بمنزلة ما لو اختار الدفع فإن كان قيمة العبد ألفي درهم واختار الفداء فداه بسبعي الدية .

والطريق في ذلك أن تقول لو كان هنا مال آخر ضعف قيمة العبد وهو أربعة آلاف لكان العفو يصح في جميع العبد فيضم ما عدمنا وهو أربعة آلاف إلى الدية فيكون أربعة عشر ألفا ، ثم ننظر إلى المضموم كم هو من الجملة فتجده سبعي الجملة فنبطل العفو في سبعي العبد باعتبار ما عدمنا ونجوز في خمسة أسباع العبد مقدار ذلك من الدراهم ألف وأربعمائة وعشرون وأربعة أسباع [ ص: 94 ] وما أبطلنا فيه العفو ، وذلك سبعا العبد فنفدي بسبعي الدية مقدار ذلك ألفان وثلاثمائة وسبعة وخمسون وسبع يسلم للورثة ضعف ما نفذنا فيه العفو فاستقام الثلث والثلثان وعلى طريق الدينار والدرهم نجعل العبد دينارا ودرهما ونجبر العفو في الدينار ونبطله في الدرهم فنفديه بخمسة أمثاله لأن الدية خمسة أمثال قيمة العبد فيحصل في يد الورثة خمسة دراهم وحاجتهم إلى دينارين . فإذا قلبت الفضة كان كل دينار بمعنى خمسة وكل درهم بمعنى اثنين ، ثم نعود إلى الأصل فنقول قد كنا جعلنا العبد دينارا ودرهما فالدينار خمسة والدراهم اثنان فذلك سبعه ، وقد صححنا العفو في الدينار ، وذلك خمسة أسباع العبد فتبين أن العفو إنما بطل في سبعة والتخريج كما بينا .

وعلى طريق الجبر نصحح العفو في شيء ونبطله في مال إلا شيء فنفديه بخمسة أمثاله فيحصل في يد الورثة خمسة أموال إلا خمسة أشياء ، وذلك شيئان فأجبره بخمسة أشياء فيكون خمسة أموال تعدل سبعة أشياء فعرفنا أن كل مال يعدل شيئا وخمسي شيء فانكسر بالأخماس فنضرب شيئا وخمسي شيء في خمسة فيكون سبعة فظهر أن المال الكامل سبعة ، وقد كنا صححنا العفو في شيء وضربنا كل شيء في خمسة فتبين أنا صححنا العفو في خمسة أسباع العبد والتخريج كما بينا وعلى طريق الخطأين نجعل العبد على ثلاثة أسهم ونصحح العفو في شيء ونبطله في سهمين فنفديهما بخمسة أمثالهما ، وذلك عشرة وحاجة الورثة إلى سهمين فظهر الخطأ بزيادة ثمانية فنعود إلى الأصل ونصحح العفو في سهمين ونبطله في سهم فنفديه بخمسة أمثاله فيحصل في يد الورثة خمسة وحاجتهم إلى أربعة فظهر الخطأ بزيادة سهم وكان الخطأ الأول بزيادة ثمانية فلما زدنا سهما أذهب سبعة فنزيد في العفو ما يذهب خطأ السهم الباقي ، وذلك سبع سهم ونصحح العفو في سهمين وسبع ونبطله في ستة أسباع سهم فنفدي ذلك بخمسة أمثاله ، وذلك أربعة وسبعان فيسلم للورثة هذا المقدار ، وقد نفذنا العفو في سهمين وسبع فيستقيم الثلث والثلثان وستة أسباع من ثلاثة سبعاه في الحاصل فظهر أنا أبطلنا العفو في سبعي العبد وجوزناه في خمسة أسباعه ، ولو كان قيمة العبد ثلاثة آلاف واختار الفداء فداه بثلاثة أثمان الدية لأنا ننظر إلى ضعف قيمة العبد ، وذلك ستة آلاف فنضمه إلى الدية فيكون ستة عشر ألفا ، ثم ننظر إلى المضموم كم هو من الجملة . فإذا هو ثلاثة أثمانه فنبطل العفو باعتباره في ثلاثة أثمان العبد ونصححه في خمسة أثمانه مقدار ذلك من الدراهم ألف وثمانمائة وخمسة وسبعون ونفدي بثلاثة أثمان الدية ، وذلك ثلاثة آلاف وسبعمائة وخمسون فإن كل ثمن من الدية ألف ومائتان وخمسون فيستقيم الثلث [ ص: 95 ] والثلثان .

وعلى طريق الدينار والدرهم تجعل العبد دينارا ودرهما فتجوز العفو في الدينار وتبطله في الدرهم ، ثم تفدي ذلك بثلاثة أمثاله وثلث لأن الدية مثل ثلاثة أمثال قيمة العبد ومثل ثلثه فيحصل في يد الورثة ثلاثة دراهم وثلث وحاجتهم إلى دينارين فقد وقع الكسر بالأثلاث فتضرب كل شيء في ثلاثة فصارت الدراهم عشرة والدنانير ستة ، ثم تقلب الفضة وتعود إلى الأصل فتقول قد كنا جعلنا العبد دينارا ودرهما فالدينار عشرة والدرهم ستة فذلك ستة عشر ، ثم صححنا العفو في الدينار ، وذلك خمسة أثمان العبد وأبطلنا في الدرهم ، وذلك ثلاثة أثمان العبد وهو ستة فتفديه بثلاثة أمثاله وثلث ، وذلك عشرون فيسلم للورثة عشرون ، وقد صححنا العفو في عشرة فيستقيم الثلث والثلثان .

وعلى طريق الجبر تصحح العفو في شيء منه وتبطله في مال إلا شيئا منه فتفديه بثلاثة أمثاله ومثل ثلثه فيحصل في يد الورثة ثلاثة أموال وثلث إلا ثلاثة أشياء وثلثا تعدل خمسة أشياء وثلثا انكسر بالأثلاث فتضرب خمسة وثلثا في ثلاثة فيكون ستة عشر وتضرب ثلاثة أموال وثلثا في ثلاثة فيكون عشرة فظهر أن كل مال يعدل شيئا وستة أعشار شيء وهو ثلاثة أخماس فتضرب شيئا وثلاثة أخماس في خمسة فيكون ثمانية وتبين أن المال الكامل ثمانية ، وقد نفذنا العفو في شيء وضربنا كل شيء في خمسة فتبين أنا نفذنا العفو في خمسة أثمان العبد وأبطلناه في ثلاثة أثمانه وطريق الخطأين فيه على نحو ما بينا يخرج مستقيما إذا تأملت فتركته للتحرز عن التطويل .

ولو كان قيمة العبد أربعة آلاف فداه بأربعة أسباع الدية لأنا نأخذ ضعف قيمة العبد ، وذلك ثمانية آلاف فنضمه إلى مقدار الدية فيكون ثمانية عشر ألفا ، ثم ننظر إلى المضموم كم هو من الجملة فنجد ذلك أربعة أتساع الجملة فنبطل العفو بقدره ونصحح العفو في خمسة أتساع العبد مقدار ذلك من الدراهم ألفان ومائتان وعشرون وتسعان ونفدي أربعة أتساع العبد بأربعة أتساع الدية ، وذلك أربعة آلاف وأربعمائة وأربعة وأربعون وأربعة أتساع فيستقيم الثلث والثلثان .

وعلى طريق الدينار والدرهم نجعل العبد دينارا ودرهما ونصحح العفو في الدينار ونبطله في الدراهم فنفدي ذلك بمثله ومثل نصفه ، وذلك درهمان ونصف ، ثم درهمان ونصف يعدل دينارين ، وقد وقع الكسر فيه بالأنصاف فأضعفه فيصير أربعة دنانير تعدل خمسة دراهم ، ثم اقلب الفضة وعد إلى الأصل فتقول كنا جعلنا العبد دينارا ودرهما فالدينار بمعنى خمسة والدرهم بمعنى أربعة فذلك تسعة وصححنا العفو في الدينار ، وذلك خمسة وأبطلناه في الدرهم وهو أربعة فنفدي ذلك بمثله ومثل نصفه ، وذلك عشرة فيحصل للورثة [ ص: 96 ] عشرة ، وقد نفذنا العفو في خمسة فيستقيم الثلث والثلثان .

وطريق الجبر فيه أن تصحح العفو في شيء وتبطله في مال إلا شيئا فتفديه بمثله ومثل نصفه فيحصل في يد الورثة مالان ونصف إلا شيئين ونصف شيء وحاجتهم إلى شيئين فاجبر مالين ونصفا بشيء ونصف شيء وزد على ما يعدله شيئين ونصف شيء فيصير مالين ونصفا يعدل أربعة أشياء ونصفا فانكسر بالأنصاف فأضعفه فيكون خمسة أموال يعدل تسعة أشياء فالمال الكامل يعدل شيئا فتضربه في أربعة أخماس فتضربه في خمسة وشيء وأربعة أخماس إذا ضربته في خمسة يكون تسعة ، وقد صححنا العفو في شيء وضربنا كل شيء في خمسة فتبين أنا جوزنا العفو في خمسة أتساع العبد والتخريج كما بينا فإن كان قيمة العبد خمسة آلاف فإنه يفدى نصفه بنصف الدية لأنا نأخذ ضعف قيمة العبد وهو عشرة آلاف فنضمه إلى الدية فيكون ذلك عشرين ألفا ، ثم ننظر إلى المضموم وكم هو من الجملة . فإذا هو نصف الجملة فنبطل العفو باعتباره في العبد ونجوز في نصف العبد مقدار ذلك ألفان وخمسمائة ، ثم نفدي ما أبطلنا فيه العفو بنصف الدية ، وذلك خمسة آلاف فيحصل للورثة خمسة آلاف ، وقد نفذنا العفو في ألفين وخمسمائة فيستقيم الثلث والثلثان .

وعلى طريق الدينار والدرهم نجعل العبد دينارا ودرهما فنصحح العفو في الدينار ونبطله في الدرهم فنفدي ذلك بضعفه لأن الدية ضعف قيمة العبد فيصير في يد الورثة درهمان تعدل دينارين وتبين أن قيمة الدينار والدرهم سواء ، وأنا صححنا العفو في الدينار ، وذلك نصف العبد وأبطلناه في الدرهم ، وقد فدى المولى ذلك بضعفه فيحصل للورثة ضعف ما نفذنا فيه العفو وعلى طريق الجبر نصحح العفو في شيء ونبطله في مال إلا شيئا فنفدي ذلك بضعفه ، وذلك مالان إلا شيئين وحاجة الورثة إلى شيئين فاجبر مالين بشيئين وزد على ما يعدلهما مثل ذلك فيكون مالين يعدل أربعة أشياء كل مال يعدل شيئين ، وقد نفذنا العفو في شيء وشيء من شيئين يكون نصف شيئين فتبين أنا صححنا العفو في نصف العبد والتخريج كما بينا ، وإن كانت قيمته ستة آلاف فالطريق فيه أن تأخذ ضعف قيمة العبد ، وذلك اثنا عشر ألفا فتضمه إلى الدية فتكون الجملة اثنين وعشرين ألفا ، ثم تنظر إلى المضموم كما هو من الجملة فتجد ذلك ستة أجزاء من أحد عشر جزءا فتبطل العفو في ستة أجزاء من أحد عشر جزءا من العبد وتفدي ذلك بستة أجزاء من أحد عشر جزءا من الدية فيستقيم الثلث والثلثان إذا تأملت وعلى طريق الدينار والدرهم تجوز العفو في الدينار وتبطله في الدرهم فتفديه بمثله وبمثل ثلثه [ ص: 97 ] لأن الدية من القيمة مثلها ومثل ثلثيها ، ثم التخريج كما بينا .

وعلى هذا يخرج فيما إذا كانت قيمته سبعة آلاف ، أو ثمانية آلاف ، أو تسعة آلاف فإن كانت قيمته عشرة آلاف فالعفو هنا صحيح في ثلث العبد ، ولا دور في المسألة لأن الدية مثل قيمة العبد فلا يمكن زيادة في مال الميت سواء اختار الدفع ، أو الفداء فإن كانت قيمة العبد أكثر من عشرة آلاف فالأصل فيه أن تأخذ ضعف الدية وتضمه إلى القيمة ، ثم تدفع حصة الضعف من العبد لأنه لو كان العبد ضعف الدية لكان يجوز العفو في جميع العبد لأن مال المولى هو مقدار الدية هنا فله أقل المالين ، وإنما تتبين الزيادة عند اختيار الدفع وصارت الدية في هذا النوع كالعبد في النوع الأول ولهذا لو اختار الفداء هنا لا يقع الدور لأنه لا يظهر زيادة في مال الميت ، وإنما يقع الدور عند اختيار الدفع فتقول إذا كانت قيمته عشرين ألفا صح العفو في النصف لأنك تأخذ ضعف النقدية ، وذلك عشرون ألفا فتضمه إلى القيمة فيصير أربعين ألفا ، ثم يدفع حصة الضعف من العبد ، وذلك نصف العبد فيجوز له العفو في النصف مقدار ذلك من الدية خمسة آلاف ويدفع إلى الورثة نصف العبد وقيمته عشرة آلاف فيستقيم الثلث والثلثان وسائر الطرق تخرج على هذا فإنك تجعل العمل في الدية هنا على طريق بمنزلة العمل في العبد فيما سبق .

ولو كانت قيمته ثلاثين ألفا فخذ ضعف الدية وضمه إلى القيمة فيصير خمسين ألفا ، ثم تدفع حصة الضعف ، وذلك خمسا العبد ، ويجوز العفو في ثلاثة أخماسه مقدار ذلك من الدية ستة آلاف ويسلم للورثة خمسا العبد وقيمته اثنا عشر ألفا فيستقيم الثلث والثلثان .

ولو كانت قيمته أربعين ألفا فخذ ضعف الدية وضمه إلى القيمة فيصير ستين ألفا ، ثم تدفع العبد ما أصاب حصة الضعف ، وذلك ثلث العبد ويجوز العفو في الثلثين مقدار ذلك من الدية ستة آلاف وثلثان ويسلم للورثة ثلث العبد وثلاثة عشر ألفا وثلث ألف فيستقيم الثلث والثلثان ، وإن كانت قيمته خمسة عشر ألفا واختار الدفع فالعفو جائز في ثلاثة أسباع العبد ويدفع أربعة أسباعه لأنك تأخذ ضعف الدية فتضمه على القيمة فيصير خمسة وثلاثين ، ثم تدفع حصة النصف من العبد ، وذلك أربعة أسباع العبد ويجوز العفو في ثلاثة أسباعه مقداره من الدية أربعة آلاف ومائتان وخمسة وثمانون وخمسة أسباع ويسلم للورثة أربعة أسباع العبد قيمته بنصف هذا المقدار إذا تأملت فيستقيم الثلث والثلثان .

ولو كانت قيمة العبد مائة درهم فإن اختار الدفع دفع ثلثي العبد لما بينا أن قيمته إذا كانت أقل من عشرة آلاف فإن الدور لا يقع في الدفع ، وإنما يقع في الفداء ، ولو [ ص: 98 ] اختار الفداء فإنه يفدى بجزأين من مائة جزء وجزأين من الدية لأنك تأخذ ضعف القيمة ، وذلك مائتان فتضمه إلى الدية وهي عشرة آلاف . فإذا جعلت كل مائة سهما تصير الدية مائة سهم والضعف سهمين فذلك مائة وجزءان ، ثم تفدي مائتي الضعف من العبد ، وذلك جزءان من مائة جزء ومن جزأين من الدية وهو يخرج مستقيما على طريق الحساب باعتبار أن كل جزء تفديه إنما يفدى بمائة أمثاله لأن الدية من القيمة مائة أمثاله

التالي السابق


الخدمات العلمية