الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                    صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                    ( وهل أتاك حديث موسى ( 9 ) إذ رأى نارا فقال لأهله امكثوا إني آنست نارا لعلي آتيكم منها بقبس أو أجد على النار هدى ( 10 ) )

                                                                                                                                                                                                    من هاهنا شرع - تبارك وتعالى - في ذكر قصة موسى عليه السلام وكيف كان ابتداء الوحي إليه وتكليمه إياه ، وذلك بعد ما قضى موسى الأجل الذي كان بينه وبين صهره في رعاية الغنم وسار بأهله قيل : قاصدا بلاد مصر بعدما طالت الغيبة عنها أكثر من عشر سنين ، ومعه زوجته ، فأضل الطريق ، وكانت ليلة شاتية ، ونزل منزلا بين شعاب وجبال ، في برد وشتاء ، وسحاب وظلام [ ص: 276 ] وضباب ، وجعل يقدح بزند معه ليوري نارا ، كما جرت له العادة به ، فجعل لا يقدح شيئا ، ولا يخرج منه شرر ولا شيء . فبينا هو كذلك ، إذ آنس من جانب الطور نارا ، أي : ظهرت له نار من جانب الجبل الذي هناك عن يمينه ، فقال لأهله يبشرهم : ( إني آنست نارا لعلي آتيكم منها بقبس ) أي : شهاب من نار . وفي الآية الأخرى : ( أو جذوة من النار ) [ القصص : 29 ] وهي الجمر الذي معه لهب ، ( لعلكم تصطلون ) [ القصص : 29 ] دل على وجود البرد ، وقوله : ( بقبس ) دل على وجود الظلام .

                                                                                                                                                                                                    وقوله : ( أو أجد على النار هدى ) أي : من يهديني الطريق ، دل على أنه قد تاه عن الطريق ، كما قال الثوري ، عن أبي سعد الأعور ، عن عكرمة عن ابن عباس في قوله : ( أو أجد على النار هدى ) قال : من يهديني إلى الطريق . وكانوا شاتين وضلوا الطريق ، فلما رأى النار قال : إن لم أجد أحدا يهديني إلى الطريق آتكم بنار توقدون بها .

                                                                                                                                                                                                    التالي السابق


                                                                                                                                                                                                    الخدمات العلمية