الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 3 ] بسم الله الرحمن الرحيم كتاب الزكاة فائدة : " الزكاة " في اللغة : النماء . وقيل : النماء والتطهير ; لأنها تنمي المال وتطهر معطيها ، وقيل : تنمي أجرها ، وقال الأزهري : تنمي الفقراء . قلت : لو قيل : إن هذه المعاني كلها فيها لكان حسنا : فتنمي المال ، وتنمي أجرها ، وتنمي الفقراء ، وتطهر معطيها ، وسميت " زكاة " في الشرع للمعنى اللغوي . وحدها في الشرع : حق يجب في مال خاص . قاله في الفروع .

قوله { ولا تجب في غير ذلك } يعني لا تجب في غير السائمة ، والخارج من الأرض ، والأثمان ، وعروض التجارة وقوله وقال { أصحابنا تجب في المتولد بين الوحشي والأهلي } ، وهو المذهب ، وعليه جماهير الأصحاب .

وهو من المفردات . وجزم به المصنف في الهادي ، قال في الفروع : جزم به الأكثر ، قال : ولم أجد فيه نصا ، وإنما أوجبوا فيه ، تغليبا واحتياطا كتحريم قتله وإيجاب الجزاء بقتله .

والنصوص تتناوله ، قال المجد : تتناوله بلا شك . واختار المصنف : لا تجب الزكاة فيه . وإليه ميل الشارح . وجزم به في الوجيز ، قال في الفروع : وهو متجه ، وأطلق في التبصرة فيه وجهين . وذكر ابن تميم : أن القاضي ذكرهما ، وحكى في الرعاية فيه روايتين ، وأطلق الخلاف في الفائق .

قوله { وفي بقر الوحش روايتان } ، وأطلقهما في الهداية ، والمستوعب ، والفائق ، والمحرر . [ ص: 4 ] إحداهما : تجب فيها ، وهي المذهب ، وعليه جماهير الأصحاب ، قال في الفروع : هو ظاهر المذهب ، واختاره أصحابنا ، قال المجد : اختاره الأصحاب ، وهو من المفردات . والرواية الثانية : لا تجب الزكاة فيها ، اختارها المصنف .

وهو ظاهر قوله " ولا تجب في غير ذلك " قال الشارح : وهي أصح ، قال في مجمع البحرين : ولا زكاة في بقر الوحش ، في أصح الروايتين ، قال ابن رزين : وهو أظهر ، وصححه في تصحيح المحرر ، وجزم به في الوجيز ، قال في الخلاصة : وفائدته تكميل النصاب ببقرة وحش . انتهى .

والظاهر : أنه أراد في الغالب ، وإلا فمتى كمل النصاب منه وجبت فيه ، عند من يقول ذلك .

فوائد : منها : حكم الغنم الوحشية حكم البقر الوحشية ، خلافا ومذهبا ، والوجوب فيها من المفردات . ومنها : لا تجب الزكاة في الظباء . على الصحيح من المذهب ، ونص عليه ، وهو ظاهر كلام المصنف هنا ، وعليه الأصحاب . وحكى القاضي في الطريقة ، وابن عقيل في المفردات ، عن ابن حامد : وجوب الزكاة فيها ، وحكى رواية ; لأنها تشبه الغنم . والظبية تسمى عنزا ، وهو من المفردات ، وأطلقهما في المحرر ، ومنها : تجب الزكاة في مال الصبي والمجنون ، بلا خلاف عندنا .

التالي السابق


الخدمات العلمية