الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وممن توفي فيها من الأعيان :

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      إبراهيم بن محمد بن نوح بن عبد الله أبو إسحاق المزكي الحافظ الزاهد إمام أهل عصره بنيسابور في معرفة الحديث والرجال والعلل ، وقد سمع خلقا من المشايخ الكبار ودخل على الإمام أحمد وذاكره وكان مجلسه مهيبا ويقال إنه كان مجاب الدعوة وكان لا يملك إلا داره التي كان يسكنها وحانوتا يستغله كل شهر سبعة عشر درهما ينفقها على نفسه وعياله وكان لا يقبل من أحد شيئا وكان يطبخ له الجزر بالخل فيتأدم به طول الشتاء ، وقال أبو علي الحسين بن علي الحافظ النيسابوري : لم تر عيناي مثله .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 746 ] أبو الحسين النوري أحد أئمة الصوفية .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      أحمد بن محمد ويقال محمد بن محمد والأول أصح ، أبو الحسين النوري ، ويعر‌ف بابن البغوي أصله من خراسان وحدث عن سري السقطي ثم صار هو من أكابر أئمة القوم .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      قال أبو أحمد المغازلي : ما رأيت أحدا قط أعبد من أبي الحسين النوري . قيل له : ولا الجنيد ؟ قال : ولا الجنيد . وقال غيره : صام عشرين سنة لا يعلم به أحد لا من أهله ولا من غيرهم . وتوفي في مسجد وهو مقنع ، فلم يعلم به أحد إلا بعد أربعة أيام .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      إسماعيل بن أحمد بن أسد بن سامان الساماني .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      أحد ملوك خراسان للخلفاء ، وهو الذي قتل عمرو بن الليث الصفار الخارجي وكتب بذلك إلى الخليفة المعتضد فولاه خراسان ثم ولاه المكتفي الرى وما وراء النهر وبلاد الترك فأوقع بهم بأسا شديدا وبنى الربط في الطرقات ، يسع الرباط منها ألف فارس وأوقف عليهم أوقافا جزيلة وقد أهدى إليه طاهر بن محمد بن عمرو بن الليث هدايا عظيمة ، منها ثلاث عشرة جوهرة زنة كل جوهرة منها ما بين السبعة مثاقيل إلى العشرة ، وبعضها أحمر وبعضها أزرق قيمتها مائة ألف دينار ، [ ص: 747 ] فبعث بها إلى الخليفة المعتضد وشفع في طاهر فشفعه فيه ، ولما مات إسماعيل بن أحمد وبلغ المكتفي موته تمثل بقول أبي نواس :


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      لن يخلف الدهر مثلهم أبدا هيهات هيهات شأنهم عجب

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      المعمري الحافظ .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      صاحب " عمل اليوم والليلة " وهو الحسن بن علي بن شبيب أبو علي المعمري الحافظ رحل وسمع من الشيوخ وأدرك خلقا ، منهم علي بن المديني ويحيى بن معين وعنه ابن صاعد والنجاد والخلدي وكان من بحور العلم وحفاظ الحديث صدوقا ثبتا وقد كان يشبك أسنانه بالذهب من الكبر لأنه جاوز الثمانين وكان يكنى أولا بأبي القاسم ثم بأبي علي وقد ولي القضاء للبرتي على القصر وأعمالها وإنما قيل له المعمري بأمه أم الحسن بنت أبي سفيان صاحب معمر بن راشد ، وكانت وفاته لإحدى عشرة ليلة بقيت من المحرم .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      عبد الله بن الحسن بن أحمد بن أبي شعيب ، واسم أبي شعيب عبد الله بن مسلم أبو شعيب الأموي الحراني المؤدب المحدث ابن المحدث ولد سنة [ ص: 748 ] ست وثمانين ومائتين ، وسمع أباه وجده وعفان بن مسلم وأبا خيثمة ، كان صدوقا ثقة مأمونا ، توفي في ذي الحجة منها .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      علي بن أحمد المكتفي ابن المعتضد ، تقدم ذكر ترجمته قريبا من هذه السنة .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      أبو جعفر الترمذي محمد بن أحمد بن نصر أبو جعفر الترمذي الفقيه الشافعي وكان من أهل العلم والزهد ، قال الدارقطني : هو ثقة ، كان مأمونا ناسكا وقال القاضي أحمد بن كامل : لم يكن لأصحاب الشافعي بالعراق أرأس منه ولا أشد ورعا ، وكان من التقلل في المطعم على حالة عظيمة فقرا وورعا وصبرا وكان ينفق في كل شهر أربعة دراهم وكان لا يسأل أحدا شيئا وكان قد اختلط في آخر عمره . توفي في المحرم من هذه السنة .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية