الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                            صفحة جزء
                                                                                            15442 - وعن حميد بن مهب الطائي قال : كانت هند بنت عتبة عند الفاكه بن المغيرة المخزومي ، وكان الفاكه من فتيان قريش ، وكان له بيت للضيافة يغشاه الناس من غير إذن ، فخلى ذلك البيت يوما ، واضطجع الفاكه وهند وقت القائلة ، ثم خرج الفاكه في بعض [ ص: 265 ] حاجاته ، وأقبل رجل ممن كان يغشاه ، فولج البيت ، فلما رأى المرأة ولى هاربا ، فأبصره الفاكه وهو خارج من البيت ، فأقبل إلى هند فضربها برجله ، وقال : من هذا الذي كان عندك ؟ قالت : ما كان عندي أحد وما انتبهت حتى أنبهتني . قال : الحقي بأبيك ، وتكلم فيها الناس ، فقال لها أبوها : يا بنية ، إن الناس قد أكثروا فيك فنبئيني نبأك ، فإن يكن الرجل عليك صادقا دسست له من يقتله ; فينقطع عنك الفاكه ، وإن يك كاذبا حاكمته إلى بعض كهان اليمن ، فحلفت له بما كانوا يحلفون به أنه لكاذب عليها . فقال للفاكه : يا هذا ، إنك رميت ابنتي بأمر عظيم ، فحاكمني إلى بعض كهان اليمن .

                                                                                            فخرج عتبة في جماعة من بني عبد مناف ، وخرج الفاكه في جماعة من بني مخزوم ، وخرجت معهم هند في نسوة معها . فلما شارفوا البلاد قالوا : نرد على الكاهن فتنكر حال هند ، وتغير وجهها ، فقال لها أبوها : إني أرى ما بك من تنكر الحال ، وما ذاك إلا لمكروه عندك ، أفلا كان هذا قبل أن يشهد الناس مسيرنا ؟ فقالت : لا والله يا أبتاه ، ما ذاك لمكروه ، ولكن أعرف أنكم تأتون بشرا يخطئ ويصيب ، ولا آمن أن يسمني بسمة تكون علي سبة في العرب .

                                                                                            فقال : إني أختبره من قبل أن ينظر في أمرك . فصفر بفرسه حتى أدلى ، ثم أخذ حبة من بر فأدخلها في إحليله وأوكأ عليها بسير ، فلما صبحوا الكاهن أكرمهم ونحر لهم ، فلما تغدوا قال له عتبة : إنا قد جئناك في أمر ، وإني قد خبأت لك خبيئا أختبرك به ، فانظر ما هو . قال : تمرة في كمرة . قال : أريد أبين من هذا . قال : حبة من بر في إحليل مهر . قال : صدقت ، فانظر في أمر هؤلاء النسوة . فجعل يدنو من إحداهن ويضرب كتفها ، وقال : قومي غير وحشاء ولا زانية ، ولتلدن غلاما يقال له : معاوية ، فقام إليها الفاكه فأخذ بيدها ، فنثرت يدها من يده وقالت : إليك ، فوالله لأحرصن على أن يكون ذلك من غيرك . فتزوجها أبو سفيان فجاءت بمعاوية .

                                                                                            رواه الطبراني ، وفيه زحر بن حصن ، وهو مجهول .

                                                                                            التالي السابق


                                                                                            الخدمات العلمية