الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ حذذ ]

                                                          حذذ : الحذ : القطع المستأصل . حذه يحذه حذا : قطعه قطعا سريعا مستأصلا ؛ وقال ابن دريد : قطعه قطعا سريعا من غير أن يقول مستأصلا . والحذة : القطعة من اللحم كالحزة والفلذة ؛ قال الشاعر :


                                                          تعييه حذة فلذ إن ألم بها من الشواء ، ويروي شربه الغمر



                                                          ويروى حزة فلذ ، وسنذكره في موضعه . والحذذ : السرعة ، وقيل : السرعة والخفة . والحذذ : خفة الذنب واللحية ، والنعت منهما أحذ . وبعير أحذ ولحية حذاء : خفيفة ؛ قال :


                                                          وشعث على الأكوار حذ لحاهم     تفادوا من الموت الذريع تفاديا



                                                          وفرس أحذ : خفيف شعر الذنب ، وقطاة حذاء : وصفت بذلك لقصر ذنبها وقلة ريشها ، وقيل : لخفتها وسرعة طيرانها . وفي حديث عتبة بن غزوان : أنه خطب الناس فقال في خطبته : إن الدنيا قد آذنت بصرم وولت حذاء فلم يبق منها إلا صبابة كصبابة الإناء ؛ يقول : لم يبق منها إلا مثل ما بقي من الذنب الأحذ ، ومعنى قوله ولت حذاء أي سريعة الإدبار ؛ قال الأزهري : ولت حذاء هي السريعة الخفيفة التي قد انقطع آخرها ، ومنه قيل للقطاة حذاء لقصر ذنبها مع خفتها ؛ قالالنابغة يصف القطا :


                                                          حذاء مقبلة سكاء مدبرة     للماء في النحر منها نوطة عجب



                                                          قال : ومن هذا قيل للحمار القصير الذنب أحذ . والأحذ : السريع في الكلام والفعال ؛ وقيل : ولت حذاء أي ماضية لا يتعلق بها شيء . وحمار أحذ : قصير الذنب ، والاسم من ذلك الحذذ ولا فعل له . الأزهري : الحذذ مصدر الأحذ من غير فعل . ورجل أحذ : سريع اليد خفيفها ؛ قال الفرزدق يهجو عمر بن هبيرة الفزاري :


                                                          تفيهق بالعراق أبو المثنى     وعلم أهله أكل الخبيص
                                                          أأطعمت العراق ورافديه     فزاريا أحذ يد القميص



                                                          يصفه بالغلول وسرعة اليد ، وقوله أحذ يد القميص ، أراد أحذ اليد فأضاف إلى القميص لحاجته وأراد خفة يده في السرقة . قال ابن بري : الفزاري المهجو في البيت عمر بن هبيرة ؛ وقد قيل في الأحذ غير ما ذكره الجوهري ، وهو أن الأحذ المقطوع ، يريد أنه قصير اليد عن نيل المعالي ، فجعله كالأحذ الذي لا شعر لذنبه ، ولا يحب لمن هذه صفته أن يولى العراق . وفي حديث علي ، رضوان الله عليه : أصول بيد حذاء ؛ أي قصيرة لا تمتد إلى ما أريد ، ويروى بالجيم ، من الجذ القطع ، كنى بذلك عن قصور أصحابه وتقاعدهم عن الغزو . قال ابن الأثير : وكأنها بالجيم أشبه . وأمر أحذ : سريع المضاء . وصريمة حذاء : ماضية . وحاجة حذاء : خفيفة سريعة النفاذ . وأمر أحذ أي شديد منكر . وجئتنا بخطوب حذ أي بأمور منكرة ؛ وقال الطرماح :


                                                          يقري الأمور الحذ ذا إربة [ ص: 64 ]     في ليها شزرا وإبرامها



                                                          أي يقريها قلبا ذا إربة . الأزهري : والقلب يسمى أحذ ؛ قال ابن سيده : وقلب أحذ ذكي خفيف . وسهم أحذ : خفف غراء نصله ولم يفتق ؛ قال العجاج :


                                                          أورد حذا تسبق الأبصارا     وكل أنثى حملت أحجارا



                                                          يعني بالأنثى الحاملة الأحجار المنجنيق . الأزهري : الأحذ اسم عروض من أعاريض الشعر ؛ قال ابن سيده : هو من الكامل ما حذف من آخره وتد تام كرد متفاعلن إلى متفا ونقله إلى فعلن ، أو متفاعلن إلى متفا ونقله إلى فعلن ، وذلك لخفتها بالحذف . وزاده الأزهري إيضاحا فقال : يكون صدره ثلاثة أجزاء متفاعلن ، وآخره جزآن تامان ، والثالث قد حذف منه علن وبقيت القافية متفا فجعلت فعلن أو فعلن كقول ضابئ :


                                                          إلا كميتا كالقناة وضابيا     بالقرح بين لبانه ويده



                                                          وكقوله :


                                                          وحرمت منا صاحبا ومؤازرا     وأخا على السراء والضر



                                                          والقصيدة حذاء ؛ قال ابن سيده : قال أبو إسحاق : سمي أحذ لأنه قطع سريع مستأصل . قال ابن جني : سمي أحذ لأنه لما قطع آخر الجزء قل وأسرع انقضاؤه وفناؤه . وجزء أحذ إذا كان كذلك . والأحذ : الشيء الذي لا يتعلق به شيء . وقصيدة حذاء : سائرة لا عيب فيها ، ولا يتعلق بها شيء من القصائد لجودتها . والحذاء : اليمين المنكرة الشديدة التي يقتطع بها الحق ؛ قال :


                                                          تزبدها حذاء يعلم أنه     هو الكاذب الآتي الأمور البجاريا



                                                          الأمر البجري : العظيم المنكر الذي لم ير مثله . الجوهري : اليمين الحذاء التي يحلف صاحبها بسرعة ، ومن قاله بالجيم يذهب إلى أنه جذها جذ العير الصليانة . ورحم حذاء وجذاء ؛ عن الفراء إذا لم توصل . وامرأة حذحذ وحذحذة : قصيرة . وقرب حذحاذ وحذاحذ : بعيد . وقال الأزهري : حذحاذ سريع ، أخذ من الأحذ الخفيف مثل حثحاث . وخمس حذحاذ : لا فتور فيه ، وزعم يعقوب أن ذاله بدل من ثاء حثحاث ؛ وقال ابن جني : ليس أحدهما بدلا من صاحبه لأن حذحاذا من معنى الشيء الأحذ ، والحثحاث السريع ، وقد تقدم .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية