الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 186 ] باب ) فرض الحج ، وسنت العمرة مرة ، وفي فوريته [ ص: 187 ]

وتراخيه لخوف الفوات : خلاف .

[ ص: 186 ]

التالي السابق


[ ص: 186 ] باب ) في الحج والعمرة

بضم فكسر أو بفتح فسكون ( الحج ) أي : العبادة المشتملة على إحرام وحضور بعرفة جزءا من ليلة النحر وطواف بالبيت وسعي بين الصفا والمروة عينا ( وسنت ) بضم السين وفتح النون مشددة وسكون التاء مفتوحة أو رفعها مربوطة ( العمرة ) بضم العين المهملة وسكون الميم ، أي : العبادة المشتملة على إحرام وطواف وسعي فقط عينا . في النوادر مال مالك رضي الله تعالى عنه العمرة سنة واجبة كالوتر لا ينبغي تركها .

( مرة ) منصوب مفعول مطلق للعمرة ، ويقدر مثله للحج ; لأنهم مصدران ينحلان إلى أن والفعل أي : أن يحج مرة ويعتمر مرة وليسا منصوبين بفرض وسنة ; لأنه يفيد أن الفرض والسنة وقعا من الشارع مرة وليس بمراد أو تمييز محول عن نائب الفاعل أو مرفوع خبر عن فرض وسنة على الضبط . الثاني مصدران مبتدآن مؤولان باسم مفعول ، أي : المفروض من الحج مرة والمسنون من العمرة مرة والزائد عليها منهما مندوب ، وينبغي له أن ينوي به إقامة الموسم ليقع فرض كفاية في الحج وسنة كفاية في العمرة .

( وفي فوريته ) ياؤه للمصدرية أي : كون الحج واجبا على الفور في أول عام من أعوام القدرة . فإن أخره عنه أثم ولو لم يخف الفوات وهو المعتمد رواه ابن القصار والعراقيون عن الإمام مالك رضي الله تعالى عنه ، وشهره صاحبا الذخيرة والعمدة [ ص: 187 ] وابن بزيزة . وإن فعله بعد فهو أداء وحكى عليه الإجماع . وقال ابن القصار قضاء . ابن عرفة وعلى فوره في كونه بعد أول عام مستطيعه قضاء أو أداء قولا ابن القصار وغيره .

( وتراخيه ) أي : كون الحج واجبا على التراخي ( ل ) عام ( خوف الفوات ) أي : تعذر الحج بتأخيره عنه فيتفق على فوريته ويختلف خوف الفوات باختلاف أحوال الناس قوة وضعفا وشبوبية وكهولية ، وكثرة مرض وقلته ، وأمن طريق وخوفه ، ووجود مال وعدمه ، وقرب بلد وبعده . ولم يرو هذا القول عن الإمام مالك رضي الله عنه وإنما أخذ من مسائل وليس أخذه منها بالقوي وشهره ابن الفاكهاني . ورأى الباجي وابن رشد والتلمساني وغيرهم من المغاربة أنه المذهب .

( خلاف ) في التشهير الحط سوى المصنف هنا بين القولين وفي التوضيح الظاهر قول من شهر الفورية . وفي كلام ابن الحاجب ميل إليه ; لأنه ضعف حجة التراخي . ولأن الفور مروي عن الإمام والتراخي لم يرو عنه ، وإنما أخذ من مسائل وليس أخذه منها بقوي فقد ظهر أن القول بالفور أرجح ويؤيد هذا أن أكثر الفروع الآتية في الاستطاعة مبنية على الفور ، فكان ينبغي الاقتصار عليه وعلى التراخي إن أخره فاخترمته المنية قبل خوف الفوات فقال في الطراز لا يأثم وهو الظاهر . وقال بعض الشافعية يأثم بكل حال وإنما جوز له التأخير بشرط السلامة . وعلى هذا ابن السبكي في جمع الجوامع وكلام ابن شاس وابن الحاجب يفيد دخول الخلاف بالفورية والتراخي في العمرة .




الخدمات العلمية